أبيه، كان سكان مكة يزعمون أنهم قريش، دون سائر بني النضر حتى رحلوا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسألوه مَن قريش؟ قال: مَن وَلَدَ النضر بن كنانة.
وقيل: إن قريشًا هم ولد فهر بن مالك بن النضر، وهذا قول الأكثر، وبه جزم مصعب، قال: ومن لم يلده فهر فليس قرشيًّا.
وقيل: أول من نُسب إلى قريش قُصيّ بن كلاب، فروى ابن سعد أن عبد الملك بن مروان، سأل محمد بن جبير: متى سُمّيت قريش قريشًا؟ قال: حين اجتمعت إلى الحرم بعد تفرّقها، فقال: ما سمعت بهذا، ولكن سمعت أن قُصيًّا كان يقال له: القرشيّ، ولم يسمَّ أحد قريشًا قبله.
وروى ابن سعد من طريق المقداد: لمّا فرغ قصي من نفي خزاعة من الحرم تجمّعت إليه قريش، فسُميت يومئذ قريشًا؛ لحالِ تجمّعها، والتقرّش: التجمّع، وقيل: لتلبّسهم بالتجارة، وقيل: لأن الجد الأعلى جاء في ثوب واحد متجمِّعًا فيه، فسُمّي قريشًا، وقيل: من التقرش، وهو أخذُ الشيء أوّلًا فأولًا.
وقد أكثر ابن دحية من نقل الخلاف في سبب تسمية قريش قريشًا، ومَن أول من تسمى به؟ وحكى الزبير بن بكار عن عمه مصعب أن أول من تسمى قريشًا قريش بن بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة، وكان دليل بني كنانة في حروبهم، فكان يقال: قَدِمت عير قريش، فسمّيت قريش به قريشًا، وأبوه صاحب بدر الموضع المعروف.
وقال المطرزيّ: سمّيت قريش بدابة في البحر، هي سيدة الدواب البحرية، وكذلك قريش سادة الناس، قال الشاعر [من الخفيف]:
وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ الْبَحـ ... ـرَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
تَأكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَلَا تَتْـ ... رُكُ فِيهِ لِذِي جَنَاحَيْنِ رِيشَا
هَكَذَا فِي الْبِلَادِ حَيُّ قُرَيْشٍ ... يَأْكُلُونَ الْبِلَادَ أَكْلًا كَمِيشَا
وَلَهُمْ آخِرَ الزَّمَانِ نَبِيٌّ ... يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْخُمُوشَا
وقال صاحب "المحكم": قُريش دابة في البحر، لا تَدَع دابة في البحر إلا أكلَتْها، فجميع الدواب تخافها، وأنشد البيت الأول.
قال الحافظ: والذي سمعته من أفواه أهل البحر: القِرْش - بكسر القاف، وسكون الراء - لكن البيت المذكور شاهد صحيح، فلعله من تغيير العامة، فإن