وَثِنَاهُ)؛ أي: أوله وآخره، قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: الفجور هنا: نقض العهد، ورَوْمُ غِرّة المسلمين، وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: أما الْبَدْء - فبفتح الباء، وإسكان الدال، وبالهمز -؛ أي: ابتداؤه، وأما ثِنَاه، فوقع في أكثر النسخ: "ثناه" بثاء مثلَّثة مكسورة، وفي بعضها: "ثنياه" - بضم الثاء، وبياء مثناة تحتُ، بعد النون - ورواهما جميعًا القاضي عياض، وذكر الثاني عن رواية ابن ماهان، والأول عن غيره، قال: وهو الصواب؛ أي: عودةٌ ثانيةٌ. انتهى.

وقال الفيّوميّ: "الثِّنَى" بالكسر، والقصر: الأمر يُعاد مرّتين (?)، وقال المجد: "ولا ثِنَى في الصدقة": كـ"إلى"؛ أي: لا تؤخذ مرّتين في عام، أو لا تؤخذ ناقتان مكان واحدة، أو لا رجوع فيها. انتهى (?).

(فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: عن هؤلاء السبعين؛ ليتمّ أمر الصلح، قال القاضي عياض: إنما فعل سلمة، وعمّه لمّا ذُكر من قتل المسلم بأسفل الوادي، فرأوا أن الصلح قد انتقض، ولم يَنقضه - صلى الله عليه وسلم -: إما لأنه لم يتحقّق أن المشركين قتلوه بعد الصلح، أو لم ير نقض الصلح بذلك؛ لِجَهل قاتله، قاله الأبيّ (?). (وَأَنْزَلَ اللهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} الآيَة كُلَّهَا [الفتح: 24])، قال الإمام ابن جرير رحمهُ اللهُ في تفسير هذه الآية: يقول تعالى ذِكْر لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، والذين بايعوا بيعة الرضوان: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}؛ يعني: أن الله كفّ أيدي المشركين الذين كانوا خرجوا على عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية، يلتمسون غِرّتهم؛ ليصيبوا منهم، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأُتي بهم أسرى، فَخَلَّى عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومَنَّ عليهم، ولم يَقْتلهم، فقال الله للمؤمنين: وهو الذي كفّ أيدي هؤلاء المشركين عنكم، وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم. انتهى (?).

وقال الحافظ ابن كثير رحمهُ اللهُ: قوله سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)} هذا امتنان من الله تعالى على عباده المؤمنين، حين كفّ أيدي المشركين عنهم، فلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015