ومعاذ ابنا عفراء اللذان تولّيا قتله من الأنصار، فلو كان قَتَله أحد من القرشيين لكان أحبّ إليه، وأعظم لشأنه.
[تنبيه]: ذكر القاضي عياض رحمه الله أنه وقع في بعض نسخ مسلم بلفظ: "لو غيرُك كان قتلني"، وهو تصحيف من الأول، والمعروف الأول. انتهى (?).
[فائدة]: "لو" في قوله: "فلو غير أكّار قتلني" شرطيّة، وهي تختصّ بالفعل، كـ "إن" الشرطيّة، فلا تدخل على الاسم وقد أسلفنا الآن تقدير جوابها، إلا إذا كان معمولًا لمحذوف يُفسّره ما بعده؛ كقول الشاعر [من الطويل]:
أَخِلَّايَ لَوْ غَيْرُ الْحِمَامِ أَصَابَكُمْ ... عَتَبْتُ وَلَكِنْ مَا عَلَى الدَّهْرِ مَعْتَبُ
أي: لو أصابكم غير الحمام (?)، والتقدير في هذا الحديث: "فلو قتلني غير أكّار ... إلخ"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا متفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [39/ 4653 و 4654] (1800)، و (البخاريّ) في "المغازي" (3962 و 3963 و 4120)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/ 360)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 129)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (7/ 115 و 120)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 288)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (9/ 92)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان ما كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من التطلّع، والانتظار إلى هلاك فرعون هذه الأمة أبي جهل، وذلك لثقته بوعد الله عز وجل له بهلاكه، وهلاك أمثاله، حيث قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ} الآية [آل عمران: 12].