الفحولة مَظِنّة الاستعداد للفرار والتولّي، وإذا كان رأس الجيش قد وَطَّن نفسه على عدم الفرار، وأخذ بأسباب ذلك كان ذلك أَدْعَى لأتباعه على الثبات.
5 - (ومنها): أن فيه تشهيرَ الرئيس نفسه في الحرب؛ مبالغةً في الشجاعة، وعدم المبالاة بالعدوّ، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[4607] ( ... ) - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْبَرَاء، فَقَالَ: "أَكُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَا أَبَا عُمَارَةَ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا وَلَّى، وَلَكِنَّهُ انْطَلَقَ أَخِفَّاءُ مِنَ النَّاس، وَحُسَّرٌ إِلَى هَذَا الْحَيِّ، مِنْ هَوَازِنَ، وَهُمْ قَوْمٌ رُمَاةٌ، فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ مِنْ نَبْلٍ، كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، فَانْكَشَفُوا، فَأَقبَلَ الْقَوْمُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَقُودُ بِهِ بَغْلَتَهُ، فَنَزَلَ، وَدَعَا، وَاسْتَنْصَرَ، وَهُوَ يَقُولُ:
"أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
اللَّهُمَّ نَزِّلْ (?) نَصْرَكَ"، قَالَ الْبَرَاءُ: كُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِه، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ؛ يَعْنِي: النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ (?) الْمِصِّيصِيُّ (?)) هو: أحمد بن جَنَاب بن المغيرة الْمِصِّيصيّ، أبو الوليد الْحَدَثِيّ، يقال: إنه بغداديُّ الأصل، صدوقٌ [10].
روى عن عيسى بن يونس، والحكم بن ظُهير، وغيرهما.
وروى عنه مسلم، وأبو داود، والنسائيّ بواسطة، ويعقوب بن شيبة، وصاعقة، وأبو زرعة، والدَّراورديّ، وكتب عنه أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، وآخرون.