والثالثة: بإسقاط حرف الجر، وهي رواية أبي ذرّ، والأولى أصحّ وأشهر، ويؤيده رواية مسلم: "هل كان في آبائه مَلِكٌ"، بحذف "مِنْ"، كما هي رواية أبي ذرّ، وكذا هو في "كتاب التفسير" في البخاريّ. انتهى (?).

(قُلْتُ؛ لَا)؛ أي: لم يسبقه أحد من آبائه بالملك، (قَالَ) هرقل (فَهَلْ كنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ)؛ أي: على الناس، وإنما عَدَل إلى السؤال عن التهمة عن السؤال عن نفس الكذب؛ تقريرًا لهم على صدقه؛ لأن التهمة إذا انتفت انتفى سببها، ولهذا عقّبه بالسؤال عن الغدر، قاله في "الفتح" (?).

(قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ )؛ أي: قبل أن يدّعي النبوّة، (قُلْتُ: لَا)؛ أي: لم يكن معروفًا بالكذب، بل هو معرف عندنا بأنه الصادق الأمين. (قَالَ) هرقل (وَمَنْ يَتَّبِعُهُ؟ ) "من" استفهاميّة؛ أي: أي نوع من أنواع الناس تبعه في الإيمان به، وطاعته؟ (أَشْرَافُ النَّاسِ) بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أأشراف الناس تبعوه؛ ولفظ البخاريّ: "فأشراف الناس اتبعوه"، قال في "الفتح": فيه إسقاط همزة الاستفهام، وهو قليل، وقد ثبتت للبخاريّ في "التفسير"، ولفظه: "أيتبعه أشراف الناس؟ "، والمراد بالأشراف هنا: أهل النخوة، والتكبّر منهم، لا كلّ شريف، حتى لا يَرِدَ مثلُ أبي بكر، وعمر، وأمثالهما ممن أسلم قبل هذا السؤال، ووقع في رواية ابن إسحاق: "تَبِعَه منا الضعفاء، والمساكين، والأحداث، فأما ذوو الأنساب والشرف، فما تبعه منهم أحد"، وهو محمول على الأكثر الأغلب. انتهى (?).

(أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ ) "أم" هنا متّصلة، معادلة لهمزة الاستفهام، وكذا في قوله الآتي: "أم ينقصون؟ ". (قَالَ) أبو سفيان (قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ) تقدّم أنه محمول على الأغلب، وإلا فقد تبعه من ذوي الشرف والحسب كثير، كأبي بكر، وعمر، وغيرهما، فتنبّه. (قَالَ) هرقل (أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ ) ولفظ البخاريّ في "التفسير": "قال: يزيدون، أم ينقصون؟ " بدون همزة، قال في "الفتح": كذا فيه بإسقاط همزة الاستفهام، وقد جزم ابن مالك بجوازه مطلقًا خلافًا لمن خصّه بالشعر. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015