وهو كثير، ويأتي موضع الشك غالبًا (?).

(فَإنْ كَذَنَبِي) بتخفيف الذال؛ أي: نقل إلي الكذب، (فَكَذِّبُوهُ) بتشديد الدال؛ أَي: قولوا: إنه كَذَب؛ أي: قال لترجمانه: يقول لكم ذلك، ولمّا جرت العادة أن مجالس الأكابر لا يواجه أحد فيها بالتكذيب احترامًا لهم، أَذِن لهم هرقل في ذلك؛ للمصلحة التي أرادها، قال محمد بن إشماعيل التيميّ: كَذَب بالتخفيف يتعدى إلى مفعولين، مثل صَدَقَ، تقول: كَذَبني الحديث، وصَدَقني الحديث، قال الله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} الآية [الفتح: 27]، وكَذَّب بالتشديد يتعدى إلى مفعول واحد، وهما من غرائب الألفاظ؛ لمخالفتهما الغالب؛ لأن الزيادة تناسب الزيادة، وبالعكس، والأمر هنا بالعكس. انتهى (?).

(قَالَ) ابن عبّاس - رضي الله عنهما - (فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَايْمُ اللهِ) مبتدأ، خبره محذوف؛ أي: يمين الله قَسَمي، وهي بالهمزة، وبغير الهمزة، وفيها لغات أخرى، تقدّم بيانها، وقال القرطبيّ رحمه الله: "وايم الله" هي كلمة محذوفة من "أيمن الله"، تستعملها العرب اسمًا مرفوعًا في القَسَم على الابتداء، والخبر محذوف، وقد اختَلَف النحويون فيها، هل هي: اسم مفرد، همزته همزة وصل، وإنما فتحت همزته؛ لأنه غير متصرف، فخالف جميع همزات الوصل؛ وهو مذهب سيبويه، أو هل هي: جَمْع يمين، وهمزته همزة قطع؛ لأنها همزة جمع؛ وهو قول الفراء، وهي عنده جمع يمين، وقول سيبويه أشبه، بدليل: أنهم كسروا همزتها، وأنهم تصرَّفوا فيها بلغات مختلفة، منها: إِيْمُنٌ بالكسر، وبالفتح: أَيْمُنٌ، وبحذف النون، والهمزة، وضم الميم، من "مُ الله"، وكسرها، وقد أبدل بعضهم من الهمزة هاء، فقال: هيمن الله، وهذا النحو من التصرف لم تفعله العرب في صيغ الجموع. انتهى (?).

(لَوْلَا مَخَافَةَ أَنْ يُؤْثَرَ) بالبناء للمفعول؛ أي: يُنقَل، قال النوويّ رحمه الله: معناه: لولا خوفي أنّ رُفْقتي ينقلون عني الكذب إلى قومي، ويتحدثونه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015