مبدؤه من هذا الرجل؟ أو هي بمعنى الباء، ويؤيده أن في بعض الرواية بلفظ: "بهذا الرجل"، وفي بعضها: "إلى هذا الرجل"، ولا إشكال فيه، فإن أقرب يتعدى بـ "إلى"، قال الله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]، والمفضَّل عليه محذوف تقديره: من غيره، ويَحْتَمِل أن تكون "من" في رواية الباب بمعنى الغاية، فقد ثبت ورودها للغاية مع قلة (?)، قاله في "الفتح" (?).

(الَّذِي يَزْعُمُ أنَّهُ نَبِيٌّ؟ ) ولابن السكن: "الذي خرج بأرض العرب، يزعم أنه نبيّ"، (فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا) وللبخاريّ: "قلت: أنا أقربهم نسبًا"، وفي رواية ابن السكن: "فقالوا: هذا أقربنا به نسبًا، هو ابن عمه، أخي أبيه"، وإنما كان أبو سفيان أقرب؛ لأنه من بني عبد مناف، وقد أوضح ذلك البخاريّ في "الجهاد" بقوله: "قال: ما قرابتك منه؟ قلت: هو ابن عمي، قال أبو سفيان: ولم يكن في الركب من بني عبد مناف غيري". انتهى.

وعبد مناف الأب الرابع للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكذا لأبي سفيان، وأَطلق عليه ابن عمّ؛ لأنه نَزّل كلًّا منهما منزلة جدّه، فعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وعلى هذا ففيما أطلق في رواية ابن السكن تَجَوُّز، وإنما خَصّ هرقل الأقرب؛ لأنه أحرى بالاطلاع على أموره ظاهرًا وباطنًا أكثر من غيره، ولأن الأبعد لا يُومَن أن يقدَح في نسبه، بخلاف الأقرب، وظهر ذلك في سؤاله بعد ذلك: "كيف نسبه فيكم؟ " (?).

(فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْه، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي) قال بعض العلماء: إنما فعل ذلك؛ ليكون عليهم أهون في تكذيبه إن كذب؛ لأن مقابلته بالكذب في وجهه صعبة، بخلاف ما إذا لم يستقبله، ذكره النوويّ (?).

وفي رواية البخاريّ في "الجهاد": "عند كتفي"، وهي أخصّ، وعند الواقديّ: "فقال لترجمانه: قل لأصحابه: إنما جعلتكم عند كتفيه؛ لتردّوا عليه كذبًا إن قاله".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015