ثالثها: أنه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات، من جهة الإمام، فكان على المبعوث إليهم إنزالهم في مقابلة عملهم الذي يتولونه؛ لأنه لا قيام لهم إلا بذلك، حكاه الخطابيّ، قال: وكان هذا في ذلك الزمان؛ إذ لم يكن للمسلمين بيت مال، فأما اليوم فأرزاق العمال من بيت المال، قال: وإلى نحو هذا ذهب أبو يوسف في الضيافة على أهل نجران خاصّةً، قال: ويدل له قوله: "إنك بعثتنا".

وتُعُقّب بأن في رواية الترمذيّ: "إنّا نمرّ بقوم".

رابعها: أنه خاص بأهل الذمة، وقد شَرَط عمر حين ضرب الجزية على نصارى الشام ضيافة من نزل بهم.

وتُعُقّب بأنه تخصيص يحتاج إلى دليل خاصّ، ولا حجة لذلك فيما صنعه عمر؛ لأنه متأخر عن زمان سؤال عقبة. أشار إلى ذلك النوويّ.

خامسها: تأويل المأخوذ، فحَكَى المازريّ عن الشيخ أبي الحسن من المالكية، أن المراد: أن لكم أن تأخذوا من أعراضهم بألسنتكم، وتَذْكُروا للناس عَيْبهم.

وتعقبه المازريّ بأن الأخذ من العِرض، وذِكر العيب نُدِب في الشرع إلى تركه، لا إلى فعله.

وأقوى الأجوبة الأول. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن لك بما ذُكر أن ما تعلّق به الجمهور لعدم الوجوب مدخول، فالحقّ هو ما ذهب إليه الليث بن سعد: من وجوب الضيافة مطلقًا؛ لظاهر الحديث هذا، ولحديث أبي شريح الماضي، وحديث أبي هريرة المتقدّم في "كتاب الإيمان"، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

4 - (ومنها): أنه استُدِلّ به على مسألة الظفر، وهي أن يجد مال إنسان له عليه حقّ، فله أن يأخذ منه حقّه، وهذا هو القول الراجح، وبه قال الشافعيّ، فجَزَم بجواز الأخذ فيما إذا لم يمكن تحصيل الحقّ بالقاضي، كان يكون غريمه منكِرًا، ولا بيّنة له عند وجود الجنس، فيجوز عنده أخْذه إن ظَفِر به، وأخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015