{وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: 235] أي: نكاحها، وقد يحذف المضاف، ويقام المضاف إليه مقامه، إذا أُمِن اللَّبسُ. انتهى كلام الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو بحث مفيد جدًّا، والله تعالى أعلم.
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حقّ الضيف": هذا مما استَدَلَّ به الليث على وجوب الضيافة، وهو ظاهرٌ في ذلك، غير أن هذا محمولٌ على ما كان في أول الإسلام من شدَّة الأمر، وقلَّة الأزواد، فقد كانت السَّرية يُخرجها النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يجد لها إلا مِزْوَدَي تمر، فكان أمير السَّرية يقوتهم إيَّاه، كما قد اتفق في جيش أبي عبيدة، وسيأتي.
فإذا وجب التضييف كان للضيف طلب حقه شرعًا، وإن لم يكن الحال هكذا فيَحَتَمِل أن يكون هذا الحق المأمور بأخذه هو حقُّ ما تقتضيه مكارم الأخلاق، وعادات العرب، كما قررناه، فيكون هذا الأخذ على جهة الحضِّ والترغيب بإبداء ما في الضيافة من الثواب والخير، وحُسن الأحدوثة، ونفي الذمّ، والبخل، لا على جهة الجبر والقهر؛ إذ الأصل ألا يَحِلَّ مالُ امرئ مسلم إلا بطيب قلبه، ويَحْتَمِل أن يراد بالقوم الممرور بهم أهل الذمة، فينزل بهم الضيف، فيمنعونه ما قد جُعل عليهم من التضييف، فهؤلاء يؤخذ منهم، ما جُعل عليهم من الضيافة على جهة الجبر من غير ظلمٍ ولا تعدٍّ، وقد رأى مالك سقوط ما وجب عليهم من ذلك لِمَا أحدث عليهم من الظلم، والله تعالى أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما ذهب إليه الليث من وجوب الضيافة هو الحقّ؛ لظاهر الحديث، وما تأوله به القرطبيّ لا دليل عليه، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه: