(غَازِينَ) منصوب على الحال، وزاد أحمد من طريق سفيان عن سلمة: "حتى إذا كنا بالعُذيب" - وهو بالمعجمة، والموحدة، مصغّرًا -: موضع، وله من طريق يحيى القطان، عن شعبة: "فلما رجعنا من غَزَاتنا حججت". انتهى.
وفي رواية ابن حبّان: "فالتقطت سوطًا بالْعُذيب"، و"العُذيب" بصيغة التصغير: وادٍ بظاهر الكوفة، وقيل: لبني تميم في اليمامة (?).
(فَوَجَدْتُ سَوْطًا) - بفتح، فسكون: معروف، والجمع أسواط، وسِياطٌ، مثل ثوب، وأثواب، وثياب، وضربه سَوْطًا؛ أي: ضربه بسوط، وقوله تعالى: {سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 113] أي: أَلَمَ سَوْطِ عذاب، والمراد: الشدّة؛ لِمَا عُلِم أن الضرب بالسوط أعظم ألمًا من غيره، قاله الفيّوميّ (?).
(فَأَخَذْتُهُ، فَقَالا)؛ أي: زيد بن صُوحان، وسلمان بن ربيعة، (لِي: دَعْهُ)؛ أي: اتركه، ولا تلتقطه، (فَقُلْتُ: لَا)؛ أي: لا أتركه (وَلَكِنِّي) التقطه، ثمّ (أُعَرِّفُهُ) من التعريف، (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ) جوابه مقدَّر؛ أي: دفعته له، (وَإِلَّا) هي"إن" الشرطية مدغمة في "لا" النافية؛ أي: إن لَمْ يجئ صاحبه (اسْتَمْتَعْتُ بِهِ)؛ أي: كما أمرَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الملتقط بذلك. (قَالَ) سُويد بن غَفَلة (فَأَبَيْتُ عَلَيْهِمَا)؛ أي: امتنعت مما أمراني به من ترك ذلك السوط، (فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزَاتِنَا) - بفتح الغين -: اسم من الغَزْو، (قُضِيَ لِي)؛ أي: قدّر الله تعالى لي (أَنِّي حَجَجْتُ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ) يَحْتَمل أن يكون طريق للحج من المدينة، أو على عادة الناس أنهم إذا حجّوا زاروا المدينة، وأما الأحاديث الواردة في الترغيب في الزيارة بعد الحجّ، فلا يصحّ منها شيء، وقد أَلَّف في ذلك الحافظ ابن عبد الهادي الحنبليّ ردًّا على التقيّ السبكي الشافعيّ، وهي رسالة مفيدة جدًّا. (فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ) سيّد القرّاء - رضي الله عنه -، (فَأَخْبَرْتُهُ بِشَأْنِ السَّوْطِ)؛ أي: بكونه أخذه، (وَبِقَوْلهِمَا)؛ أي: بما قال زيد، وسلمان، من نهيهما له عن ذلك، (فَقَالَ) أُبيّ - رضي الله عنه - مستصوبًا ما فعله، وفي رواية ابن حبّان: "فحدّثته بالحديث، فقال: أحسنت أحسنت". (إِنِّي وَجَدْتُ صُرَّةً) - بضتم الصاد المهملة، وتشديد الراء: جمعها صُرَرٌ، مثلُ غُرْفة وغُرَف، وهي وعاء الدراهم، (فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ) قال في "الفتح": استُدِلّ به لأبي حنيفة في تفرقته بين قليل اللقطة، وكثيرها، فيعَرَّف الكثير سنةً، والقليل