سمع زيد بن خالد الجهنيّ - رضي الله عنه - يقول: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة؛ الذهب والورق؟ فقال: "اعرف وكاءها، وعِفاصها، ثمَّ عرِّفها سَنَة، فإن لم تُعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فين جاء طالبها يومًا من الدَّهر، فأدِّها إليه"، فهذه أحسن الروايات، وأنصُّها على المطلوب، وهي المبيِّنة لتلك الظواهر الحاكمة عليها، والعجب من داود كيف صُرِف عنها وهي بين يديه؟ وأنَّى تغافلَ عنها؟ وهي حجَّة عليه؛ لكن من حُرِم التوفيق استدبر الطريق. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).
(قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ )؛ أي: ما حكمها؟ فحُذف ذلك للعلم به، قال العلماء: الضالّة لا تقع إلا على الحيوان، وما سواه يقال له: لُقَطة، ويقال للضوالِّ أيضًا: الهوامِي، والهوافي، بالميم، والفاء، والهوامل، قاله في "الفتح".
وقال في "العمدة": قوله: "فضالَّة الغنم" كلامٌ إضافيّ مبتدأ، خبره: أي: ما حكمها؟ أهي مثل ضالة الإبل أم لا؟ .
وقوله: "لك، أو لأخيك، أو للذئب" فيه حذفٌ تقديره: ليست ضالّة الغنم مثل ضالة الإبل، هي لك إن أخذتها، أو هي لأخيك، إن لم تأخذها، يعني: يأخذها غيرك من اللاقطين، أو يكون المارّ من الأخ صاحبها، والمعنى: أو هي لأخيك الذي هو صاحبها إن ظهر، أو هي للذئب إن لم تأخذها، ولم يتفق أن يأخذها غيرك أيضًا؛ لأنه يُخاف عليها من الذئب ونحوه، فيأكلها غالبًا، فإذا كان المعنى على هذا يكون محلّ "لك" من الإعراب الرفع؛ لأنه خبر مبتدإ، وكذلك "لأخيك"، و"للذئب". انتهى (?).
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ") قال النوويّ رحمه الله: معناه: الإذن في أخذها، بخلاف الإبل، وفرَّق - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وبَيَّن الفرق بأن الإبل مستغنية عن من يحفظها؛ لاستقلالها بحذائها وسقائها، وورودها الماء، والشجر، وامتناعها من الذئاب، وغيرها من صغار السباع، والغنم بخلاف ذلك، فلك أن تأخذها أنت، أو صاحبها، أو أخوك المسلم الذي يَمُرّ بها، أو الذئب، فلهذا