وجواب الشرط محذوف، تقديره: فأَدِّها إليه، وفي رواية حماد بن سلمة الآتية: "فإن جاء صاحبها، فعرف عِفاصها، وعددها، وووكاءها، فأعطها إياه". (وَإِلَّا) هي "إن" الشرطيّة ادغمت في "لا" النافية؛ أي: وإن لم يجئ صاحبها، (فَشَأْنَكَ بِهَا") بنصب "شأنك" بفعل مقدّر؛ أي: افعل شأنك بتلك اللقطة، وفي رواية: "ثم استنفق بها"، وفي أخرى: "فإذا لم يأت لها طالب، فاستنفقها"، وفي أخرى: "فإن لم يجئ صاحبها كانت وديعة عندك"، وفي أخرى: "فإن لم تعرف، فاستنفقها، ولتكن وديعةً عندك"، وكلّها عند المصنف في الباب.
قال النوويّ رحمه الله: قوله: "فإن جاء صاحبها ... إلخ": معناه: إن جاءها صاحبها فادفعها إليه، وإلا فيجوز لك أن تتملكها، قال أصحابنا: إذا عرّفها، فجاء صاحبها في أثناء مدة التعريف، أو بعد انقضائها وقبل أن يتملكها الملتقط، فأثبت أنه صاحبها أخذها بزيادتها المتصلة والمنفصلة، فالمتصلة كالسِّمَن في الحيوان، وتعليم صنعة ونحو ذلك، والمنفصلة كالولد، واللبن، والصوف، واكتساب العبد، ونحو ذلك، وأما إن جاء من يدَّعيها ولم يثبت ذلك، فإن لم يصدّقه الملتقط لم يجز له دفعها إليه، وإن صدّقه جاز له الدفع إليه، ولا يلزمه حتى يقيم البينة، هذا كله إذا جاء قبل أن يتملكها الملتقط، فأما إذا عرّفها سنةً، ولم يجد صاحبها، فله أن يديم حفظها لصاحبها، وله أن يتملكها، سواء كان غنيًّا، أو فقيرًا، فإن أراد تملّكها فمتى يملكها؟ فيه أوجه لأصحابنا: أصحها: لا يملكها حتى يتلفظ بالتملك، بأن يقول: تملكتها، أو اخترت تملكها، والثاني: لا يملكها إلا بالتصرف فيها بالبيع ونحوه، والثالث: يكفيه نية التملك، ولا يحتاج إلى لفظ، والرابع: يملك بمجرد مضي السنة.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا القول الرابع هو الأظهر؛ لظاهر الحديث؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لمّا أباح له التصرّف فيها لم يقيّده بشيء مما ذُكر، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
قال: فإذا تملكها ولم يظهر لها صاحب فلا شيء عليه، بل هو كسب من أكسابه، لا مطالبة عليه به في الآخرة، وإن جاء صاحبها بعد تملكها أخذها بزيادتها المتصلة، دون المنفصلة، فإن كانت قد تلفت بعد التملك لزم الملتقط