رواية أن الراوي شكّ، وقال: لا أدري قال: حولًا، أو ثلاثة أحوال، وفي رواية: عامين، أو ثلاثة، قال القاضي عياض: قيل في الجمع بين الروايات قولان: أحدهما أن يُطْرَح الشك، والزيادة، ويكون المراد: سنَة في رواية الشكّ، وتردّ الزيادة لمخالفتها باقي الأحاديث، والثاني أنهما قضيتان، فرواية زيد في التعريف سَنَة محمولة على أقل ما يجزئ، ورواية أُبَيّ بن كعب في التعريف ثلاث سنين محمولة على الورع، وزيادة الفضيلة، قال: وقد أجمع العلماء على الاكتفاء بتعريف سنة، ولم يشترط أحد تعريف ثلاثة أعوام، إلا ما رُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ولعله لم يثبت عنه. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "ثم عرِّفها سنة": تعريفها هو: أن يُنشدها في مجتمعات الناس، وحيث يظن أن ربِّها هنالك، أو قربه، فيعرّفها تعريفًا لا يضرُّ به، ولا يُخْفِي أمرها. والتعريف واجبٌ؛ لأنَّه مأمورٌ به، ثمَّ يختص الوجوب بسنة في المال الكثير؛ الذي لا يَفْسد، ولا ينقص منها، وهو قول فقهاء الأمصار، ولم يذهب أحدٌ منهم إلى زيادة على السنة إلا شيء روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فإنَّه قال: يعرِّفها ثلاثة أعوام، وإلا ما يَأتي من الخلاف في لقطة الحاجِّ.
فأما الشيء القليل التافه؛ الذي لا يتعلَّق به نفس مالكه كالثمرة، والكِسرة، فلا تعريف فيه. وقد مرَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بتمر في الطريق فقال: "لولا أنى أخاف أن تكون من الصَّدقة لأكلتها"، ولم يذكر تعريفها.
ولو كانت من القليل الذي تتعلَّق به النفس غالبًا، فهل يُعرَّف أو لا؟ وإذا عُرِّف؛ فهل يُعرَّف سنة، أو يجزئ أقل من ذلك؟ كل ذلك مختلف فيه، فظاهر رواية ابن القاسم: أنَّه يُعرَّف سنة كالكثير، وهو قول الشافعيّ، وقال ابن القاسم في الكتاب: يُعرِّفه أيَّامًا، وبه قال ابن وهب، ولم يحدد الأيام، بل بحَسَب ما يظن أن مثلها يُطلب فيها، وهذا كالحبل، والْمِخْلاة، والدَّلو، والعصا، والسَّوط، والسِّقاء، والنَّعل، وقال أشهب: إن لم يعرّفها فأرجو أن يكون واسعًا، وقال بعض العلماء: لا يلزم تعريف شيء من ذلك، وألحقوه