بتبدل الأسباب. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله بتصرّف (?)، وهو بحث جيّد.
وقال ابن الجوزيّ (?): استنبط سليمان عليه السلام لَمّا رأى الأمر مُحْتَمِلًا، فأجاد، وكلاهما حكم بالاجتهاد؛ لأنه لو كان داود حكم بالنصّ، لَمَا ساغ لسليمان أن يحكم بخلافه، قاله في "الفتح" (?).
(فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه السلام فَأَخْبَرَتَاهُ) بالقصّة، وبما قضى به أبوه داود عليه السلام، وفي رواية ابن عجلان: "فمرّتا على سليمان عليه السلام، فقال: كيف أمرُكما؟ فقصّتا عليه"، وفي رواية مسكين، عن شعيب: "فمرّتا على سليمان عليه السلام، فقال: كيف قضى بينهما؛ ". (فَقَالَ) سليمان عليه السلام: (ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ) - بكسر السين المهملة، وتشديد الكاف -: الْمُدْيَة، سُمّي بذلك لأنه يُسكّن حركة المذبوح، وحكى ابن الأنباريّ فيه التذكير والتأنيث، وقال السجِستانيّ: سألت أبا زيد الأنصاريّ، والأصمعيّ، وغيرهما ممن أدركنا، فقالوا: هو مذكّرٌ، وأنكروا التأنيث، وربّما أُنّث في الشعر على معنى الشَّفْرَة، وأنشد الفرّاء:
فَعَيَّتْ فِي السَّنَامِ غَدَاةَ قُرٍّ ... بِسِكِّينٍ مُوَثَّقَةِ النِّصَابِ
ولهذا قال الزجّاج: السّكّين مذكّرٌ، وربّما أُنّث بالهاء، لكنه شاذّ، غير مختار، ونونه أصليّةٌ، فوزنه فِعِّيل من التسكين، وقيل: النون زائدة، فهو فِعْلِينٌ، مثلُ غِسْلينٍ، فيكون من المضاعف. أفاده الفيّوميّ رحمه الله (?).
(أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا) وفي رواية ابن عجلان: "أشقّ الغلام بينهما"، وفي رواية مسكين: قال سليمان: "أقطعه بنصفين: لهذه نصفٌ، ولهذه نصفٌ، قالت الكبرى: اقطعوه، فقالت الصغرى: لا تقطعه، هو ولدها". (فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لَا، يَرْحَمُكَ اللهُ) قال النوويّ رحمه الله: معناه: لا تشقّه، وتمّ الكلام، ثم استأنفت، فقالت: "يرحمك الله، هو ابنها"، قال العلماء: يستحبّ أن يقال في مثل هذا بالواو، فيقال: "لا، ويرحمك الله". انتهى (?).