وأخطأ في ذكر جابر في هذا الإسناد، وتفرّد بقوله: "فإنها امرأته"، وهي لا تدُلُّ على عدم وقوع الطلاق، إلا على تقدير أن يكون ثلاثًا، فقد اختُلِفَ في هذا الحديث على أبي الزبير، وأصحابُ ابن عمر الثقاتُ الحفاظُ العارفون به الملازمون له لم يُختَلف عليهم فيه.

فرَوَى أيوب عن ابن سيرين قال: مكثت عشرين سنة يحدّثني من لا أتهمهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثًا، وهي حائض، فأمره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها، فجعلت لا أتهمهم، ولا أعرف الحديث، حتى لقيت أبا غلاب، يونسَ بنَ جبير، وكان ذا ثَبْتٍ، فحدّثني أنه سأل ابن عمر، فحدّثه أنه طلقها واحدة، أخرجه مسلم (?)، وفي رواية قال ابن سيرين: فجعلت لا أعرف للحديث وجهًا، ولا أفهمه.

وهذا يدل على أنه كان قد شاع بين الثقات، من غير أهل الفقه والعلم، أن طلاق ابن عمر كان ثلاثًا، ولعل أبا الزبير من هذا القبيل، ولذلك كان نافع يُسئل كثيرًا عن طلاق ابن عمر: هل كان ثلاثًا أو واحدة؟ ، ولمَّا قَدِمَ نافع مكة، أرسلوا إليه من مجلس عطاء، يسألونه عن ذلك؛ لهذه الشبهة، واستنكار ابن سيرين لرواية الثلاث يدل على أنه لم يَعرِف قائلًا معتبَرًا، يقول: إن الطلاق المحرَّم غير واقع، وأن هذا القول لا وجه له.

قال الإمام أحمد في رواية أبي الحارث، وسئل عمن قال: لا يقع الطلاق المحرَّم؛ لأنه يخالف ما أُمر به، فقال: هذا قول سوء رديء، ثم ذكر قصة ابن عمر، وأنه احتسب بطلاقه في الحيض.

وقال أبو عبيدة: الوقوع هو الذي عليه العلماء مُجْمِعون في جميع الأمصار، حجازهم، وتهامهم، وَيمَنهم، وشأمهم، وعراقهم، ومِصرهم. وحكى ابن المنذر ذلك عن كل من يُحفَظ قوله، من أهل العلم، إلا ناسًا من أهل البدع، لا يُعتَدُّ بهم.

وأما ما حكاه ابن حزم عن ابن عمر، أنه لا يقع الطلاق في الحيض، مُستنِدًا إلى ما رواه من طريق محمد بن عبد السلام الْخُشَنِيّ الأندلسي: حدثنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015