إليه، فإنه رواه ابن جرير، وابن أبي حاتمِ من حديث وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة، قال: كان لقمان نبيًّا، وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفيّ، وهو ضعيفٌ. انتهى كلام ابن كثير باختصار (?)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم.
({يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]) يعني: أن المراد هنا هو الظلم العظيم، وزاد فيه أبو نعيم في "مستخرجه"، من طريق سليمان بن حرب، عن شعبة بعد قوله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}: "فطابت أنفسنا"، وفي رواية للبخاريّ: "إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى ما قال لقمان ... إلخ".
وحاصل المعنى أن الصحابة - رضي الله عنهم - فهموا الظلم على الإطلاق، فشقّ عليهم ذلك: فبيّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن المراد: الظلم المقيّد، وهو الظلم الذي لا ظلم بعده.
وقال الخطّابيّ: إنما شقّ عليهم؛ لأن ظاهر الظلم الافتيات بحقوق الناس، والافتيات السبق إلى الشيء، وما ظلموا به أنفسهم من ارتكاب المعاصي، فظنّوا أن المراد هنا: معناه الظاهر، فأنزل الله تعالى الآية، ومن جعل العبادة، وأثبت الربوبيّة لغير الله تعالى فهو ظالم، بل هو أظلم الظالمين (?).
[فإن قلت]: إن ظاهر هذه الرواية أن آية لقمان كانت معلومة عندهم، ولذلك نَبّههم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليها، حيث قال: "إنما هو كما قال لقمان لابنه ... إلخ" وهذا يخالف ما وقع عند البخاريّ من طريق شعبة، عن الأعمش: "لَمّا نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّنا لم يَظلِم؟ ، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} "؛ لأن ظاهره أن هذا السؤال هو سبب نزول آية لقمان.
[قلت]: يُجاب بأنه يحتمل أن يكون نزولها وقع في الحال، فتلاها عليهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم نبّههم عليها، فتلتئم الروايتان.