(رابعها): أن يجده في أرض الحرب، فإن لم يَقْدِر عليه إلا بجماعة من المسلمين، فهو غنيمة لهم، وإن قَدَر عليه بنفسه، فهو لواجده، وهذا مذهب أحمد؛ لأنه ليس لموضعه مالك محترم، فأشبه ما لو لم يُعرَف مالكه. وقال أبو حنيفة، والشافعيّ: إن عُرف مالك الأرض، وكان حربيًّا، فهو غنيمة أيضًا؛ لأنه في حرزِ مالك معيّن، فأشبه ما لو أخذه من بيت، أو خزانة. والله تعالى أعلم بالصواب.

(الثالث): في صفة الركاز الذي فيه الخُمس:

هو كلّ ما كان مالًا على اختلاف أنواعه، من الذهب، والفضّة، والحديد، والرصاص، والصفر، والنحاس، والآنية، وغير ذلك. وهو قول إسحاق، وأبى عُبيد، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، وإحدى الروايتين عن مالك، وأحد قولي الشافعيّ، والقول الآخر: لا تجب إلا في الأثمان.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الجمهور هو الأرجح؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفي الركاز الخمس"، والله تعالى أعلم بالصواب.

(الرابع): في حكم الخمس المتعلّق به:

(اعلم): أنَّه يخمَّس قليل الركاز، وكثيره. وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وهو قول قديم للشافعيّ، ومن أصحابه من لم يُثبته. وحكاه ابن المنذر عن إسحاق، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي. وقال الشافعيّ في الجديد: يُعتبر فيه النصاب، فلا تجب الزكاة فيما دونه، إلا إذا كان في مُلكه ما يكمّله من جنس النقود الموجود. قال ابن المنذر: القول الأوّل أولى بظاهر الحديث، وبه قال جلّ أهل العلم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله ابن المنذر حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(الخامس): في قَدْر الواجب في الركاز، ومصرفه:

أما قدره فهو الخمس؛ للحديث السابق، وللإجماع، وأما مصرفه، فقيل: هم مصارف الزكاة، وبه قال أحمد، والشافعيّ. وقيل: مصرفه مصرف الفيء، وهي رواية عن أحمد، قال ابن قُدامة: وهذه الرواية أصحّ، وأقْيَس على مذهبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015