والانتهاب، والغصب؛ لأن ذلك قليلٌ بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى ولاة الأمور، وتسهُل إقامة البيّنة عليه، بخلاف السرقة، فإنه تندر إقامة البيّنة عليها، فَعَظُم أمرها، واشتدّت عقوبتها؛ ليكون أبلغ في الزجر عنها، وقد أجمع المسلمون على قطع السارق في الجملة، وإن اختلفوا في فروع منه. انتهى (?).

وقال ابن قُدامة - رحمه الله -: الأصل في القطع في السرقة: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، أما الكتاب: فقول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وأما السُّنَّة: فرَوت عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "تُقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا"، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هلك من كان قبلكم بأنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه"، متفق عليهما، في أخبارٍ سوى هذين، نذكرها إن شاء الله في مواضعها، وأجمع المسلمون على وجوب قطع السارق في الجملة. انتهى (?).

[تنبيه]: (اعلم): أنه لا يجب القطع - كما قال ابن قُدامة - رحمه الله - إلا بشروط سبعة:

[أحدها]: السرقة، ومعنى السرقة أخذُ المال، على وجه الخِفْيَة والاستتار، ومنه استراق السمع، ومسارقة النظر، إذا كان يستخفي بذلك، فإن اختطف، أو اختلس، لم يكن سارقًا، ولا قطع عليه، عند أحد عَلِمناه، غير إياس بن معاوية، قال: أقطع المختلس؛ لأنه يستخفي بأخذه، فيكون سارقًا، وأهل الفقه والفتوى من علماء الأمصار على خلافه، وقد رُوي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "ليس على الخائن، ولا المختلس قطع"، وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على المنتهب قطع" (?)، رواهما أبو داود، ولأن الواجب قطع السارق، وهذا غير سارق، ولأن الاختلاس نوع من الخطف والنهب، وإنما يستخفي في ابتداء اختلاسه، بخلاف السارق.

[الثاني]: أن يكون المسروق نصابًا.

[الثالث]: أن يكون المسروق مالًا، فإن سرق ما ليس مالًا كالحُرّ، فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015