أخذه، ومَن اشترط الحرز وهم الجمهور، زاد فيه: "من حرز مثله"، قال ابن بطال: الحرز مستفاد من معنى السرقة؛ يعني: في اللغة.

ويقال لسارق الإبل: الخارب - بخاء معجمة - وللسارق بالمكيال: مُطَفِّف، وللسارق في الميزان: مُخْسِر، في أشياء أخرى ذكرها ابن خالويه في "كتاب ليس".

قال المازري، ومن تبعه: صان الله الأموال بإيجاب قطع سارقها، وخصّ السرقة لقلة ما عداها بالنسبة إليها، من الانتهاب، والغصب، ولسهولة إقامة البينة على ما عدا السرقة بخلافها، وشدد العقوبة فيها؛ ليكون أبلغ في الزجر، ولم يجعل دية الجناية على العضو المقطوع منها، بقدر ما يُقطع فيه؛ حمايةً لليد، ثم لمّا خانت هانت، وفي ذلك إشارة إلى الشبهة التي نُسبت إلى أبي العلاء المَعَرِّيِّ في قوله [من البسيط]:

يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ

فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله [من البسيط أيضًا]:

صِيَانَةُ الْعُضْوِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا ... صِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي (?)

وشَرْحُ ذلك أن الدية لو كانت ربع دينار، لكثرت الجنايات على الأيدي، ولو كان نصاب القطع خمسمائة دينار، لكثرت الجنايات على الأموال، فظهرت الحكمة في الجانبين، وكان في ذلك صيانة من الطرفين.

وقد عَسُر فهم المعنى المقدم ذكره في الفرق بين السرقة، وبين النهب ونحوه، على بعض منكري القياس، فقال: القطع في السرقة دون الغصب وغيره، غير معقول المعنى، فإن الغصب أكثر هتكًا للحرمة من السرقة، فدل على عدم اعتبار القياس؛ لأنه إذا لم يُعمل به في الأعلى، فلا يعمل به في المساوي.

وجوابه أن الأدلة على العمل بالقياس أشهر من أن يُتَكلَّف لإيرادها. انتهى (?).

وقال النوويّ - رحمه الله -: قال القاضي عياضٌ - رحمه الله -: صان الله تعالى الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة؛ كالاختلاس،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015