ووقع في رواية: "فربّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامع"، والْمُبَلَّغ - بفتح اللام - أي: رب شخص بَلَغَه كلامي، فكان أحفظ له، وأفهم لمعناه من الذي نقله له، قال المهلَّب - رحمه الله -: فيه أنه يأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدمه، إلا أن ذلك يكون في الأقل؛ لأن "رُبّ" موضوعة للتقليل.
قال الحافظ: هي في الأصل كذلك، إلا أنها استُعملت في التكثير بحيث غلبت على الاستعمال الأول، لكن يؤيد أن التقليل هنا مرادٌ أنه وقع في رواية أخرى: "عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه". انتهى (?).
(ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ") قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا استفهام على جهة التقرير؛ أي: قد بلّغتكم ما أُمرت بتبليغه لكم، فلا عُذر لكم؛ إذ لم يقع مني تقصير في التبليغ.
ويَحْتَمِل: أن يكون على جهة استعلام ما عندهم، واستنطاقهم بذلك، كما تقدَّم في حديث جابر - رضي الله عنه -، حيث ذكر خطبته - صلى الله عليه وسلم - بعرفة، فقال: "وأنتم تسألون عنِّي، فما أنتم قائلون؟ "، قالوا: نشهد: أنك قد بلَّغت، وأَدَّيت، ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، ويَنْكُبُها إلى الناس: "اللهم! اشهد - ثلاث مرات -". انتهى (?).
وقوله: (قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ) هو يحيى شيخه الثاني (فِي رِوَايَتِهِ: "وَرَجَبُ مُضَرَ"، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: "فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي") هذا كلّه بيان لاختلاف شيخيه: أبي بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن حبيب في بعض ألفاظ المتن، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [9/ 4375 و 4376 و 4377 و 4378] (1679)،