(منها): أن دعوى عدم سماع ابن سيرين عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - لا تسلّم له؛ لأنه خالفه غيره في ذلك، فقد أثبت سماعه منه يحيى بن معين وغيره، كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (?).
(ومنها): أن ابن سيرين بريء من وصمة التدليس، وحيث ثبت سماعه من عمران، فعنعنته محمولة على السماع حتى يظهر خلافه، ولم يظهر هنا.
(ومنها): صنيع الإمام مسلم - رحمه الله - هنا؛ لأنه، وإن احتمل أن يكون أورده متابعة مع انقطاعه، إلا أن هذا خلاف الأصل.
(ومنها): أن الدارقطني إنما اعترض على رواية المصنّف برواية أشعث، حيث أدخل ثلاث وسائط، فقد رواه عن ابن سيرين، عن خالد الحذّاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلّب، عن عمران - رضي الله عنه -، ورواه المصنّف عن هشام بن حسّان، عن ابن سيرين، عن عمران، وهشام أثبت الناس في ابن سيرين، وتابعه على ذلك أيوب السختيانيّ، ويحيى بن عتيق، وحبيب بن الشهيد، وكلهم ثقات، فمخالفة أشعث لهؤلاء الحفّاظ لا تُقبل، على أن الدارقطنيّ لم يُبيّن من هو أشعث؟ أهو الحمرانيّ، وهو ثقة، أو الْحُدّانيّ، وهو صدوق؟ وكلاهما يرويان عن ابن سيرين.
والحاصل أن رواية أشعث بإدخال الوسائط مخالفًا للحفاظ المذكورين فيها نظرٌ لا يخفى.
وخلاصة البحث أن رواية المصنّف صحيحة، لا يؤثّر فيها ما انتقد به الدارقطنيّ من رواية أشعث، فتأمله بالإنصاف، وقد أجاد البحث في هذا الشيخ ربيع المدخليّ فيما كتبه على تتبع الدارقطنيّ، فراجعه تستفد (?)، وبالله تعالى التوفيق.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.