فيه نظر لا يخفى، والحقّ أن القصاص واجب في اللطمة، ونحوها؛ للأدلة الصحيحة الكثيرة، وقد حقّقت ذلك في "شرح النسائيّ"، وسيأتي في هذا الشرح أيضًا في محلّه -إن شاء الله تعالى-.
(فَعَفَا) ذلك الملطوم عن القصاص (ثُمَّ قَالَ) سويد -رضي الله عنه- (كُنَّا بَنِي مُقَرِّنٍ) "بني" منصوب على الاختصاص، كما قال في "الخلاصة":
الاخْتِصَاصُ كَنِدَاءٍ دُونَ "يَا" ... كـ "أَيُّهَا الْفَتَى" بِإِثْرِ "ارْجُونِيَا"
وَقَدْ يُرَى ذَا دُونَ "أَيِّ" تَلْوَ "أَلْ" ... كَمِثْلِ "نَحْنُ الْعُرْبَ أسْخَى مَنْ بَذَلْ"
وفي رواية أبي داود: "فإنا معشر بني مقرِّن كنا سبعة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
(عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: في زمنه (لَيْسَ لَنَا إِلَّا خَادِمٌ) يُطلق على الذكر، والأنثى، وهي المرادة هنا، بدليل قوله: (وَاحِدَةٌ) وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "إلا خادم واحدة" هكذا هو في جميع النسخ، والخادم بلا هاء يُطلق على الجارية، كما يطلق على الرجل، ولا يقال: خادمة بالهاء إلا في لغة شاذة قليلة، أوضحتها في "تهذيب الأسماء واللغات". انتهى (?).
(فَلَطَمَهَا أحَدُنَا)؛ أي: أحد بني مقرّن، وفي الرواية الآتية: قال: "لقد رأيتني سابع سبعة من بني مقرّن، ما لنا خادم إلا واحدة، لطمها أصغرنا، فأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نُعتقها".
وقال صاحب "التنبيه": خادم بني مقرّن لا أعرفها، وكذا اللاطم لها (?).
(فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "أَعْتِقُوهَا") بقطع الهمزة، من الإعتاق رباعيًّا (قَالُوا: لَيْسَ لَهُمْ) فيه التفات؛ إذ الظاهر: ليس لنا (خَادِمٌ غَيْرُهَا، قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("فَلْيَسْتَخْدِمُوهَا، فَإِذَا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا)؛ أي: عن خدمتها (فَلْيُخَلُّوا سَبيلَهَا")؛ أي: يتركوا استخدامها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سويد بن مقرّن -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.