رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأول أرجح (?).
(يَقُولُ: (مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ)؛ أي: ضربه بباطن كفّه، يقال: لَطَمت المرأة وجهها لَطْمًا، من باب ضَرَبَ: ضربته بباطن كفها، واللطمة بالفتح: المرّة (?). (أَوْ ضَرَبَهُ) الظاهر أن "أو" للشك من الراوي، وَيحْتَمِل أن تكون للتنويع؛ إذ اللطم خاصّ بالوجه، أي: أو حصل منه ضرب لسائر بدنه (فَكَفَّارَتُهُ)؛ أي: الذي يكفر هذا الذنب؛ أي: يستره عن أعين الملائكة حتى لا يكتبوه، أو يمحوه من صحيفته (أَنْ يُعْتِقَهُ") بضمّ أوله، من الإعتاق رباعيًّا"؛ أي: يُحرّره، ويفك رقبته من أسر العبوديّة.
قال القرطبيّ رحمه الله: ظاهر هذا الحديث والأحاديث المذكورة بعده: أن من لطم عبده، أو تعدَّى في ضربه وجب عليه عتقه لأجل ذلك، ولا أعلم من قال بذلك غير أن أصول أهل الظاهر تقتضي ذلك.
وإنما اختلف العلماء فيمن مَثَّل بعبده مُثلة ظاهرة، مثل قطع يده، أو فقء عينه، فقال مالك، والليث: يجب عليه عتقه، وهل يعتق بالحكم، أو بنفس وقوع المثلة؟ قولان لمالك. وذهب الجمهور: إلى أن ذلك لا يجب. وسبب الخلاف اختلافهم في تصحيح ما روي من ذلك من قوله: "مَن مَثَّلَ بعبده عَتَق عليه".
قال: ومحمل الحديث الأول عند العلماء على التغليظ على من لطم عبده، أو تعدَّى في ضربه لينزجر السَّادة عن ذلك، فمن وقع منه ذلك أثم، وأُمر بأن يرفع يده عن ملكه عقوبة، كما رفع يده عليه ظلمًا، أو محمله عندهم على الندب، وهو الصحيح؛ بدليل قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لبني مقرِّن حين أمرهم بعتق الملطومة، فقالوا: ليس لنا خادم غيرها، فقال: "فليستخدِمُوها، فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها"، فلو وجب العتق بنفس اللطم لَحَرُم الاستخدام؛ لأنها كانت تكون حرَّة، واستخدام الحر بغير رضاه حرام، فمقصود هذه الأحاديث -والله أعلم-: أن من تعدَّى على عبده أثم، فإن أعتقه يكفّر أجر عتقه إثم