كفّارة ًلضربي إياه، فكأنه ظن أن أجر الكفّارة كفاف ضربه، فلم يبق له شيء.
وقوله: "يَسْوَى" بوزن "يَخْشَى"، قال النوويّ رحمه الله: هكذا وقع في معظم النسخ: "ما يَسْوَى"، وفي بعضها: "ما يُساوِي" بالألف، وهذه هي اللغة الصحيحة المعروفة، والأولى عدَّها أهل اللغة في لحن العوامّ، وأجاب بعض العلماء عن هذه اللفظة بأنها تغيير من بعض الرواة، لا أن ابن عمر -رضي الله عنهما- نَطَق بها، ومعنى كلام ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنه ليس في إعتاقه أجر المعتَق تبرعًا، وإنما أعتقه كفارةَ لضربه، وقيل: هو استثناء منقطع، وقيل: بل هو متصل، ومعناه: ما أعتقته إلا لأني سمعت كذا. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ رحمه الله: سَاوَاهُ مُسَاوَاةً: ماثله، وعادله قدرًا، أو قيمةً، ومنه قولهم: هذا يساوي درهمًا؛ أي: تعادل قيمته درهمًا، وفي لغة قليلة: سَوِيَ درهمًا يَسْوَاهُ، من باب تَعِبَ، ومنعها أبو زيد، فقال: يقال: يُسَاوِيهِ، ولا يقال: يَسْوَاهُ، قال الأزهريّ: وقولهم: لا يَسْوَى ليس عربيًّا صحيحًا. انتهى (?).
قال القرطبيّ رحمه الله: كان ضربُ ابن عمر -رضي الله عنهما- لعبده أدبًا على جناية، غير أنه أفرط في أدبه بحسب الغضب البشريّ، حتى جاوز مقدار الأدب، ولذلك أثَّر الضرب في ظهره، وعندما تحقق ذلك رأى أنه لا يخرجه مما وقع فيه إلا عِتقه، فأعتقه بنيّة الكفارة، ثم فَهِمَ أن الكفارة غايتها إذا قُبلت أن تكفر إثم الجناية، فيخرج الجاني رأسًا برأس، لا أجر، ولا وزر، ولذلك قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "ما لي فيه من الأجر شيء". انتهى (?).
(إِلَّا إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أكثر النسخ على أن "إلا" حرف استثناء، وقيل: إنه "أَلَا" حرف تحضيض، ومعنى الثاني ظاهر، ومعنى الأول، وهو الأرجح روايةً: أنه ليس لي من الأجر شيء إلا أجر الكفارة، وهو كفاف لضربي، وقيل: معناه: لا أُعتقه لوجه من الوجوه إلا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... إلخ، وقيل: إنه استثناء منقطع؛ أي: لكني سمعت