مسند عمر، أو ابن عمر، والاختلاف على ابن عيينة أيضًا، فالجمهور جعلوه من طريقه من مسند ابن عمر، حكاه عنهم الحافظ العراقيّ رحمه الله في "شرح الترمذيّ"، ورواه محمد بن عبد الله بن يزيد المقريّ، وسعيد بن عبد الرَّحمن المخزوميّ، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر عنه بإثبات عمر.
وأخرجه من الطريق الثالثة -يعني: طريق نافع- البخاريّ، من طريق مالك، والشيخان من طريق الليث بن سعد، ومسلم، والترمذيّ، والنسائيّ في "الكبرى" من طريق عبيد الله بن عمر، ومسلم أيضًا من طريق أيوب السختيانيّ، والوليد بن كثير، وإسماعيل بن أميّة، والضحّاك بن عثمان، وابن أبي ذئب، وعبد الكريم الجزريّ، تسعتهم عن نافع، عن ابن عمر.
ورواه أبو داود عن أحمد بن يونس، عن زُهير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، وجعل المزّيّ في "الأطراف" رواية عبد الكريم الجزريّ عند مسلم بإثبات عمر، وليس كذلك، وقد ظهر الاختلاف فيه على نافع كسالم. انتهى كلام وليّ الدين رحمه الله (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن الحديث صحيح من مسند ابن عمر، ومن مسند عمر -رضي الله عنهما- جميعًا، قال الحافظ رحمه الله: ويشبه أن يكون ابن عمر -رضي الله عنهما- سمع المتن من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والقصّة التي وقعت لعمر -رضي الله عنه- منه، فحدّث به على الوجهين. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في فوائده:
1 - (منها): النهي عن الحلف بغير الله تعالي، وانما خصّ في حديث عمر بالآباء؛ لوروده على سبب، وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- مرّ به، وهو يحلف بأبيه، فقال له ذلك، أو خصّ لكونه غالبًا عليهم؛ كما بيّنته رواية: "وكانت قريش تحلف بآبائها"، ويدلّ على التعميم قوله: "من كان حالفًا، فلا يحلف إلَّا بالله"، وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير الله تعالي، فللعلماء فيه جوابان، سيأتي بيانهما قريبًا، إن شاء الله تعالى.