زاد في رواية البخاريّ: قوله: "وقد ذهبوا يردّون عليه"، قال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون المراد: يردّون عليه؛ أي: يعيدون عليه مقالته، ويستثبتونه فيها، ويَحْتَمِل أن يكون المراد: يردّون عنه القول المذكور على من قاله. انتهى.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("دَعُوني فَالَّذِي أنا فِيهِ خَيْرٌ) قال النوويّ -رحمه الله-: معناه: دَعُوني من النزاع واللغط الذي شرعتم فيه، فالذي أنا فيه من مراقبة الله تعالى، والتأهب للقائه، والفكر في ذلك ونحوه، أفضل مما أنتم فيه. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قال ابن الجوزيّ وغيره: يَحْتَمِل أن يكون المعنى: دعوني فالذي أعاينه من كرامة الله التي أعدّها لي بعد فراق الدنيا خير مما أنا فيه في الحياة، أو أن الذي أنا فيه من المراقبة، والتأهب للقاء الله، والتفكر في ذلك ونحوه، أفضل من الذي تسألونني فيه من المباحثة عن المصلحة في الكتابة، أو عدمها.

ويَحْتَمِل أن يكون المعنى: فإن امتناعي من أن أكتب لكم خير مما تدعونني إليه من الكتابة.

قال الحافظ: وَيَحْتَمِل عكسه؛ أي: الذي أشرت عليكم به من الكتابة خير مما تدعونني إليه من عدمها، بل هذا هو الظاهر، وعلى الذي قبله كان ذلك الأمر اختبارًا وامتحانًا، فهدى الله عمر لمراده، وخفي ذلك على غيره.

قال الجامع: استظاهر الحافظ العكس، وهو كون الكتابة خيرًا فيه نظر لا يخفى؛ لأنه يؤدّي أنه -صلى الله عليه وسلم- مات وترك أمته على غير ما هو خير لهم؛ لأجل تنازعهم، وهذا من أخطر ما يُعتقد في الدين، بل العكس، هو الخير كلّ الخير، وهو الصواب الذي لا نعتقد سواه، وأن عمر ومن معه قد وُفّقوا لما هو الخير، ولهذا عدّ بعضهم هذا من موافقات عمر -رضي الله عنه-، وما أحقّه بذلك! .

قال: وأما قول ابن بطال: عمر أفقه من ابن عباس، حيث اكتفى بالقرآن، ولم يكتف ابن عباس به.

فتعقب بأن إطلاق ذلك مع ما تقدم ليس بجيد، فإن قول عمر: "حسبنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015