و (الطبرانيّ) في "مسند الشاميين" (1/ 203 و 208 و 278)، و (الدارقطنيّ) في "سننه" (4/ 150)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (6/ 271 - 272) و"الصغرى" (6/ 51) و"المعرفة" (5/ 95)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): الحثّ على كتابة الوصيّة.
2 - (ومنها): الحضّ على الوصيّة، ومطلقها يتناول الصحيح، لكن السلف خصّوها بالمريض، وإنما لم يقيّد به في الخبر؛ لاطّراد العادة به.
3 - (ومنها): أنه يُستفاد منه أن الأشياء المهمّة ينبغي أن تضبط بالكتابة؛ لأنها أثبت من الضبط بالحفظ؛ لأنه يخون غالبًا.
4 - (ومنها): أنه استُدلّ بقوله: "مكتوبةٌ عنده" على جواز الاعتماد على الكتابة والخطّ، ولو لم يقترن ذلك بالشهادة.
وخصّ أحمد، ومحمد بن نصر من الشافعيّة ذلك بالوصيّة؛ لثبوت الخبر فيها دون غيرها من الأحكام.
وأجاب الجمهور بأن الكتابة ذُكرت لِمَا فيها من ضبط المشهود به، قالوا: ومعنى "وصيّته مكتوبة عنده"؛ أي: بشرطها، وقال المحبّ الطبريّ: إضمار الإشهاد فيه بُعْدٌ.
وأجيب بأنهم استدلّوا على اشتراط الإشهاد بأمر خارج، كقوله تعالى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} الآية [المائدة: 106]، فإنه يدلّ على اعتبار الإشهاد في الوصيّة.
وقال القرطبيّ: ذِكْرُ الكتابة مبالغةٌ في زيادة التوثّق، وإلا فالوصيّة المشهود بها متّفقٌ عليها، ولو لم تكن مكتوبة، والله تعالى أعلم.
5 - (ومنها): أنه استُدلّ بقوله أيضًا: "وصيّته مكتوبة عنده" على أن الوصيّة تنفذ، وإن كانت عند صاحبها، ولم يجعلها عند غيره، وكذلك إن جعلها عند غيره، وارتجعها.
6 - (ومنها): أن فيه منقبةً لابن عمر -رضي الله عنهما-؛ لمبادرته لامتثال قول الشارع، ومواظبته عليه، حيث يقول -كما سيأتي-: "ما مرّت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك إلا وعندي وصيّتي".