شرح الحديث:
(عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ) -رضي الله عنهما- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَا حَقُّ امْرِئٍ)؛ أي: ما اللائق به، قال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: التعبير بـ "امرئ" خرج مخرج الغالب، فلا فرق في صحّة الوصيّة بين الرجل والمرأة، وسواء كانت متزوّجة، أو غير متزوّجة، أَذِنَ لها زوجها، أو لم يأذن لها، ولو كانت بكرًا، ولم يأذن أبوها لا يختلف الحكم بذلك، فإنه تحصيل قربة أخرويّة عند انقضاء العمر في قدر مأذونٌ فيه شرعًا، والله أعلم. انتهى (?).
(مُسْلِمٍ) قال في "الفتح": كذا في أكثر الروايات، وسقط لفظ "مسلم" من رواية أحمد، عن إسحاق بن عيسى، عن مالك، والوصف بالمسلم خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، أو ذُكر للتهييج؛ لتقع المبادرة لامتثاله؛ لِمَا يشعر به من نفي الإسلام عن تارك ذلك، ووصيّة الكافر جائزة في الجملة، وحكى ابن المنذر فيه الإجماع، وقد بحث فيه السبكيّ من جهة أن الوصيّة شُرعت زيادةً في العمل الصالح، والكافر لا عمل له بعد الموت، وأجاب بأنهم نظروا إلى أن الوصيّة كالإعتاق، وهو يصحّ من الذّمّيّ، والحربيّ. انتهى (?).
وقوله: (لَهُ شَيءٌ) جملة اسميّة في محل جرّ صفة لـ "امرئ" بعد صفة، وقوله: (يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ) جملة فعليّة في محلّ رفع صفة لـ "شيءٌ"، ولفظ البخاريّ: "له شيء يوصي فيه"، قال ابن عبد البرّ: رحمه الله: لم يَختلف الرواة عن مالك في هذا اللفظ، ورواه أيوب، عن نافع بلفظ: "له شيء يريد أن يوصي فيه"، ورواه عبيد الله بن عمر، عن نافع مثل أيوب، أخرجهما مسلم، ورواه أحمد، عن سفيان، عن أيوب، بلفظ: "حقٌّ على كلّ مسلم أن لا يبيت ليلتين، وله ما يوصي فيه ... " الحديث، ورواه الشافعيّ، عن سفيان بلفظ: "ما حقّ امرئ، يؤمن بالوصيّة ... " الحديث، قال ابن عبد البرّ: فسّره ابن عُيينة: أي يؤمن بأنها حقّ. انتهى. وأخرجه أبو عوانة من طريق هشام بن الغاز، عن