أن العمرى جائزة، قال قتادة: قلت: حدّثني محمد بن النضر بن أنس، عن بَشِير بن نَهِيك، عن أبي هريرة، أن نبيّ الله قال: "العمرى جائزة"، قال: قتادة: وقلت: كان الحسن يقول: العمرى جائزة، قال قتادة: فقال الزهريّ: إنما العمرى إذا أعمر وعقبه من بعده، فإذا لم يجعل عقبه من بعده كان للذي يجعل شرطه، قال قتادة: فسئل عطاء بن أبي رباح، فقال: حدّثني جابر بن عبد الله، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "العمرى جائزة"، قال قتادة: فقال الزهريّ: كان الخلفاء لا يقضون بهذا، قال عطاء: قضى بها عبد الملك بن مروان. انتهى.

فقد تبيّن بهذا أن دعوى عدم عمل أهل المدينة غير صحيحة.

والحاصل أن العمرى والرقبى جائزتان، يُنقَل بهما ملك الْمُعْمِر والمرقِبِ إلى الْمُعْمَر والْمرقَب له حياتهما وموتهما، وإلى عقبهما من بعدهما، ولا رجوع فيهما مطلقًا؛ لِمَا عرفت من وضوح الحجة، وتبيّن المحجة، والله تعالى أعلم بالصواب، واليه المرجع، والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[4182] ( ... ) - (حَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقَّهُ فِيهَا، وَهِيّ لِمَنْ أُعْمِرَ، وَلِعَقِبِهِ"، غَيْرَ أَنَّ يَحْيَى قَالَ في أَوَّلِ حَدِيثِهِ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى، فَهِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

وكلهم ذُكروا في الباب، والباب الماضي.

وقوله: (فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقهُ فِيهَا) برفع "قولُهُ" على الفاعليّة، ونصب "حقَّه" على المفعوليّة؛ يعني: أن قوله: "أعمرتك عمرى لك ولعقبك" يقطع حقّ الرجوع في الهبة؛ لأنها صارت ملكًا للْمُعْمَر له ولعقبه.

والحديث بهذا السياق من أفراد المصنّف رحمه الله، وقد مضى البحث فيه مستوفًى قبله، ولله الحمد والمنّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015