إذا لم يكن للميت ولدٌ بالكلِّيَّةِ لا ذكرٌ ولا أنثى، فللأخت -حينئذٍ- النِّصفُ مما ترك فرضًا، ومفهوم هذا أنَّه إذا كان له ولدٌ فليس للأخت النِّصفُ فرضًا، ثمَّ إنْ كان الولدُ ذكرًا، فهو أولى بالمالِ كلِّه لِما سبقَ تقريرُه في ميراث الأولاد الذُّكور إذا انفردوا، فإنَّهم أقربُ العصبات، وهم يُسقِطُون الإخوة، فكيف لا يُسقِطون الأخوات؟ وأيضًا، فقد قالَ تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، وهذا يدخلُ فيهِ ما إذا كانَ هناك ذو فرضٍ كالبنات وغيرهنَّ، فإذا استحقَّ الفاضلُ ذكورَ الإخوة مع الأخوات، فإذا انفردوا، فكذلك يستحقُّونه وأولى، وإنْ كانَ الولدُ أنثى، فليس للأختِ هنا النِّصفُ بالفرض، ولكن لها الباقي بالتَّعصيب عندَ جمهور العلماء، وقد سبق ذكرُ ذَلِكَ والاختلافُ فيهِ، فلو كانَ هناك ابنٌ لا يستوعِبُ المالَ وأختٌ، مثلُ ابنٍ نصفُه حر عندَ من يُوَرِّثه نصفَ الميراث، وهو مذهبُ الإمام أحمد وغيره من العلماء، فهل يقال: إنَّ الابن هنا يُسقِطُ نصفَ فرض الأخت، فَتَرِث معه الرُّبعَ فرضًا، أم يقال: إنَّه يصيرُ كالبنت، فتصير الأختُ معه عصبة، كما تصير مع الأخت (?)، لكنَّه يسقط نصفَ تعصيبها فتأخذ معه النِّصف الباقي بالتعصيب؟ هذا محتمل، وفي هذه المسألة لأصحابنا وجهان.

وقوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}؛ يعني: أنَّ الأخ يستقلُّ بميراث أخته إذا لم يكن لها ولدٌ ذكرٌ أو أنثى، فإنْ كان لها ولدٌ ذكرٌ، فهو أولى مِنَ الأخ بغير إشكالٍ، فإنَّه أولى رجل ذكرٍ، وإنْ كان أنثى، فالباقي بعد فرضها يكونُ للأخ؛ لأنّه أولى رجلٍ ذكرٍ، ولكن لا يستقلُّ بميراثها حينئذٍ، كما إذا لم يكن لها ولَدٌ.

وقوله: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}؛ يعني: أنَّ فرضَ الثِّنتين الثلثان، كما أنّ فرض الواحدةِ النِّصفُ، فهذا كلُّه في حكم انفرادِ الإخوة والأخوات، وأما حكم اجتماعهم، فقد قال تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فيدخلُ في ذلك ما إذا كانوا منفردين، وأما إذا كان هناك ذو فرضٍ مِنَ الأولاد أو غيرهم، كأحد الزوجين أو الأم أو الإخوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015