وقال إسحاق: إذا كان مع البنتِ والأختِ عصبة، فالعصبةُ أولى، وإنْ لم يكن معهما أحد، فالأخت لها الباقي، وحُكي عن ابن مسعود أنَّه قال: البنتُ عصبةُ من لا عصبة له، وردَّ بعضهم هذا، وقال: لا يصحُّ عن ابن مسعود.

وكان ابنُ الزبير ومسروق يقولان بقول ابن عباس، ثم رجعا عنه.

وذهب جمهورُ العلماء إلى أنَّ الأخت مع البنتِ عصبة لها ما فَضَلَ، منهم عمر، وعليٌّ، وعائشة، وزيد، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وتابعهم سائر العلماء.

وروى عبدُ الرزاق: أخبرنا ابنُ جريج: سألتُ ابنَ طاووس عن ابنة وأخت، فقال: كان أبي يذكر عن ابن عباس، عن رجل عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فيها شيئًا، وكان طاووس لا يرضى بذلك الرجل، قال: وكان أبي يشكُّ فيها، ولا يقول فيها شيئًا، وقد كان يُسأل عنها. والظاهر -والله أعلم- أنَّ مرادَ طاووس هو هذا الحديث، فإنَّ ابنَ عباس لم يكن عنده نصّ صريح عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في ميراثِ الأخت مع البنت، إنَّما كان يتمسك بمثلِ عموم هذا الحديث.

وما ذكر طاوس أنَّ ابنَ عباس رواه عن رجل وأنَّه لا يرضاه، فابنُ عباس أكثرُ رواياته للحديث عن الصحابة، والصحابة كلُّهم عدول قد رضي الله عنهم، وأثنى عليهم، فلا عبرةَ بعد ذلك بعدم رضا طاووس.

وفي "صحيح البخاري" عن أبي قيسٍ الأوديّ، عن هُزيلِ بنِ شُرحبيل، قال: جاء رجلٌ إلى أبي موسى، فسأله عن ابنةٍ وابنةِ ابنٍ، وأختٍ لأبٍ وأم، فقال: للابنة النصفُ، وللأخت ما بقي وائت ابنَ مسعود فسيُتابعني، فأتى ابنَ مسعود، فذكر ذلك له، فقال: لقد ضللتُ إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: للابنة النصفُ، ولابنةِ الابن السُّدس تكملة الثلثين، وما بقي، فللأخت، قال: فأتينا أبا موسى، فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبرُ فيكم.

وفيه أيضًا عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، قال: قضى فينا معاذُ بنُ جبل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: النصف للابنة، والنصف للأخت، ثم ترك الأعمش ذكرَ عهدِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يذكره، وخرَّجه أبو داود من وجهٍ آخر عن الأسود، وزاد فيه: ونبيُّ الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذٍ حيٌّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015