الرجلَ بأنه ذكر؛ تنبيهًا على سبب استحقاقه، وهو الذكورة التي هي سبب العصوبة، وسبب الترجيح في الإرث، ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وحكمته أن الرجال تَلْحَقهم مُؤَنٌ كثيرةٌ: بالقيام بالعيال، والضيفان، والأرقاء، والقاصدين، ومواساة السائلين، وتحمُّل الغرامات، وغير ذلك، والله أعلم. انتهى (?).

وقال الحافظ ابن رجب رحمهُ اللهُ: وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لأولى رجلٍ ذكرٍ" مع أنَّ الرجلَ لا يكونُ إلّا ذكرًا، فالجوابُ الصحيحُ عنه أنَّه قد يُطلَقُ الرجل، ويرادُ به الشخص، كقوله: مَن وَجَدَ ماله عند رجل قد أفلس، ولا فرقَ بينَ أنْ يجده عند رجلٍ أو امرأةٍ، فتقييدُه بالذَّكر ينفي هذا الاحتمال، ويُخلصه للذكر دونَ الأنثى وهو المقصودُ، وكذلك الابنُ: لمَّا كان قد يُطلق، ويُراد به أعمُّ من الذكر، كقوله: ابن السبيل، جاء تقييدُ ابنِ اللبون في نُصُب الزكاة بالذَّكر. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قال الخطابيّ: المعنى: أقرب رجل من العصبة، وقال ابن بطال: المراد بأولى رجل أن الرجال من العصبة بعد أهل الفروض، إذا كان فيهم من هو أقرب إلى الميت استحقّ دون من هو أبعد، فإن استووا اشتركوا، قال: ولم يقصد في هذا الحديث من يدلي بالآباء والأمهات مثلًا؛ لأنه ليس فيهم من هو أولى من غيره، إذا استووا في المنزلة، كذا قال ابن الْمُنَيِّر، وقال ابن التين: إنما المراد به العمة مع العم، وبنت الأخ مع ابن الأخ، وبنت العم مع ابن العم، وخرج من ذلك الأخ والأخت لأبوين، أو لأب، فإنهم يرثون بنصّ قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176]، ويستثنى من ذلك من يُحجب، كالأخ للأب مع البنت، والأخت الشقيقة، وكذا يخرج الأخ، والأخت لأمّ؛ لقوله تعالى: {فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12]، وقد نُقل الإجماع على أن المراد بها الإخوة من الأم.

وقوله: (رَجُلٍ ذَكَرٍ) قال في "الفتح": هكذا في جميع الروايات، ووقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015