سَمّاه نصفَ العلم باعتبار قسمة الأحكام إلى متعلِّق بالحيّ، وإلى متعلِّق بالميت، وقيل: توسعًا، والمراد: الحثّ عليه، كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الحجُّ عَرَفةُ". انتهى (?).
(المسألة الرابعة): في بيان بعض أسرار التوارث:
(اعلم): أن الشيخ وليّ الله الدهلويّ رَحِمَهُ اللهُ تكلم في هذا الموضوع في كتابه النافع "حجة الله البالغة"، فأجاد، وأفاد، قال رَحِمَهُ اللهُ: ومسائل المواريث تبتنى على أصول:
(منها): أن المعتبر في هذا الباب هو المصاحبة الطبيعية، والمناصرة، والموادة التي هي كمذهب جِبِلّيّ، دون الاتفاقات الطارئة، فإنها غير مضبوطة، ولا يمكن أن يبنى عليها النواميس الكلية، وهو قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]، فلذلك لم يُجعل الميراث إلا لأولي الأرحام غير الزوجين، فإنهما لاحقان بأولي الأرحام، داخلان في تضاعيفهم؛ لوجوه:
منها: تأكيد التعاون في تدبير المنزل، والحث على أن يعرف كل واحد منهما ضرر الآخر ونفعه، راجعا إلى نفسه.
ومنها: أن الزوج ينفق عليها، ويستودع منها ماله، ويأمنها على ذات يده حتى يتخيل أن جميع ما تركته أو بعض ذلك حقه في الحقيقة، وتلك خصومة لا تكاد تنصرم، فعالج الشرع هذا الداء بأن جعل له الربع، أو النصف؛ ليكون جابرًا لقلبه، وكاسرًا لسورة خصومته.
ومنها: أن الزوجة ربما تَلِد من زوجها أولادًا هم من قوم الرجل، لا محالة، وأهل نسبه ومنصبه، واتصال الإنسان بأمه لا ينقطع أبدًا، فمن هذا الجهة تدخل الزوجة في تضاعيف من لا ينفك عن قومه، وتصير بمنزلة ذوي الأرحام.
ومنها: أنه يجب عليها بعده أن تعتد في بيته لمصالح لا تخفى، ولا مُتَكَفِّل لمعيشتها من قومه، فوجب أن تُجعل كفايتها في مال الزوج، ولا يمكن