وقال النوويّ رحمه الله: هذا محمول على أن سيّده كان مسلمًا، ولهذا باعه بعبدين أسودين، والظاهر أنهما كانا مسلمين؛ إذ لا يجوز بيع العبد المسلم لكافر، وَيحْتَمِل أنه كان كافرًا، أو أنهما كانا كافرين، ولا بدّ من ثبوت ملكه للعبد الذي بايع على الهجرة، إما ببيّنة، وإما بتصديق العبد قبل إقراره بالحرّيّة. انتهى (?).

وقال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله: لم يرِد في شيء من طرقه أنه -صلى الله عليه وسلم- طالب سيّده بإقامة بيّنة، فيحَتْمَل أن يكون النبيّ -صلى الله عليه وسلم- علِم صحّة مُلكه له حين عرَف سيّده، ويَحْتَمِل أن يكون اكتَفَى بدعواه، وتصديق العبد له، فإن العبد بالغ عاقل، يُقبَل إقراره على نفسه، ولم يكن للسيّد من يُنازعه، ولا يُستَحلَف السيّد، كما إذا ادّعى اللقطة، وعرَف عفاصها، ووِكاءها، أخذها، ولم يُستَحلَف؛ لعدم المنازع فيها. انتهى (?).

(ثُمَّ لَمْ يُبَايعْ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (أَحَدًا بَعْدُ)؛ أي: بعد مبايعته هذا العبد الذي طلبه سيّده، فاشتراه منه (حَتَّى يَسْأَلَهُ: أَعَبْدٌ هُوَ؟ )؛ يعني: أنه لَمّا وقعت له هذه الواقعة أخذ بالحزم، والحذر، فكان يسأل من يرتاب فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر رحمه الله هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف هنا [44/ 4106] (1602)، و (أبو داود) في "البيوع" (3358)، و (الترمذيّ) في "البيوع" (1239)، و "السير" (1596)، و (النسائيّ) في "البيعة" (7/ 150) و"البيوع" (296) و"الكبرى" (4/ 41 و 429 و 5/ 219)، و (ابن ماجه) في "الجهاد" (2869)، و (الشافعيّ) في "مسنده" (1/ 140) و (أحمد) في "مسنده" (3/ 349، 350)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (4550 و 5027)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (3/ 410)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (5/ 286، 287) و"المعرفة" (4/ 409 و 7/ 160)، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015