كَذَلِكَ الْقَطَّانُ لَا يَرْوْي لِمَنْ ... دَلَّسَ مَا لَيْسَ سَمَاعًا يُؤْتَمَنْ

كَذَاكَ عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ اللَّيْثُ إِنْ ... رَوَى فَلَا تَدْلِيسَ يُخْشَى يَا فَطِنْ

فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرَ مَا ... سَمِعَهُ مِنْ جَابرٍ فَاغْتَنِمَا

هَذِي فَوَائِدُ عَزِيزَةُ الْمَنَالْ ... يَصْبُو لَهَا مَنْ هَمُّهُ ضَبْطُ الْمَالْ

3 - (ومنها): أن فيه جابرَ بنَ عبد الله -رضي الله عنهما- الصحابيّ ابن الصحابيّ، وهو من المكثرين السبعة، روى (1540) حديثًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ جَابِرٍ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: جَاءَ عَبْدٌ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرف هذا العبد، ولا سيّده، ولا العبدين الأسودين. انتهى (?). (فَبَايَعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْهِجْرَةِ)؛ أي: على أن يهاجر من بلده إلى المدينة (وَلَمْ يَشْعُرْ) بالبناء للفاعل، يقال: شَعَرْتُ بالشيء شُعُورًا، من باب قَعَدَ، وشِعْرًا، وشِعْرَةً بكسرهما: علِمت، قاله الفيّومي (?).

وقال المجد رحمه الله: شَعَرَ به، كنصر، وكَرُمَ شِعْرًا -بالكسر- وشَعْرًا -بالفتح-، وشُعْرةً- مثلّثةً: عَلِمَ به، وفَطِنَ له، وعَقَلَه. انتهى باختصار (?).

[تنبيه]: فاعل "يشعر" ضمير النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كما بيّنته رواية النسائيّ، ولفظها: "ولا يشعر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه عبد" (أَنَّهُ)؛ أي: أن ذلك العبد المبايَع (عَبْدٌ) إذ لو عَلِمَ لم يبايعه إلا بإذن سيّده (فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ)؛ أي: يريد أخذ ذلك العبد، ويطلب أن يذهب به إلى بلده (فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "بِعْنِيهِ") إنما طلب -صلى الله عليه وسلم- بيعه له؛ كراهة أن يرُدّ العبد خائبًا عما قصده من الهجرة، وملازمة الصحبة، فاشتراه ليتمّ له ما أراد (فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ) قال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله: هذا إنما فعله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على مقتضى مكارم أخلاقه، ورغبةً في تحصيل ثواب العتق، وكراهية أن يفسخ له عقد الهجرة، فحصل له العتق، وثبت له الولاء، فهذا المُعتَقُ مولى للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- غير أنه لا يُعرف اسمه. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015