جَمَلَكَ هَذَا"، قَالَ: قُلْتُ: لَا، بَلْ هُوَ لَكَ، قَالَ: "لَا، بَلْ بِعْنِيهِ"، قَالَ: قُلْتُ: لَا، بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "لَا، بَلْ بِعْنِيهِ"، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ، فَهُوَ لَكَ بِهَا، قَالَ: "قَدْ أَخَذْتُهُ، فَتَبَلَّغْ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ"، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِبِلَالٍ: "أَعْطِهِ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، وَزِدْهُ"، قَالَ: فَأَعْطَانِي أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، وَزَادَنِي قِيرَاطًا، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا تُفَارِقُنِي زَيادَةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَكَانَ في كِيسٍ لِي، فَأَخَذَهُ أَهْلُ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (الأَعْمَشُ) سليمان بن مِهْران، تقدّم قريبًا.
2 - (سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ) رافع الْغَطَفانيّ الأشجعيّ مولاهم الكوفيّ، ثقةٌ يُرسل كثيرًا [3] (ت 7 أو 198) (ع) تقدم في "الحيض" 8/ 728.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله: (أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ) تقدّم أن الراجح أنه كان في غزوة ذات الرقاع، فيكون معنى قوله هنا: "أقبلنا من مكة ... إلخ" أي: من جهة مكة؛ لأن ذات الرقاع كانت بين مكة والمدينة، وليس المراد أنهم رجعوا من مكة نفسها، فتنبّه.
وقوله: (فَاعْتَلَّ جَمَلِي) أي: أصابته علّة، وهي الإعياء.
وقوله: (وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ) فاعل "ساق" ضمير سالم بن أبي الجعد، وَيحْتمل أن يكون ضمير شيخه عثمان بن أبي شيبة، والأول أظهر.
وقوله: (قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِبِلَالٍ) هو ابن رباح مؤذّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
وقوله: (أَعْطِهِ، وَزِدْهُ) فيه دليل على صحة الوكالة، وعلى جواز الزيادة في القضاء، وهي من باب قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن خيركم أحسنكم قضاء"، متّفقٌ عليه.
قال القرطبيّ رحمه الله: وهذا لا يُختَلَف فيه إذا كان من بيع، وإنما يُختلف فيه إذا كان من قرض، فاتُّفِق على جوازه في الزيادة في الصفة؛ إذا كان بغير شرط، ولا عادة، وزاد أصحابنا -المالكيّة-: ولا قصد من المقرض للزيادة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل قرض جرَّ نفعًا فهو ربا"، وأما الزيادة في العدد والوزن، فمنعها مالك في مجلس القضاء حسمًا للذريعة. وأجازها ابن حبيب، ولم