عليه، لا من الكتاب، ولا من السنّة، ولا من الإجماع، فالحقّ أن البيع ينعقد بكلّ ما تعارفه الناس، من الأقوال، أو الأفعال، كالمعاطاة، وقد تقدّم تحقيق ذلك في "البيوع"، فراجعه تستفد، والله تعالى وليّ التوفيق.

[تكميل]: قال الحافظ رحمه الله: آل أمرُ جمل جابر -رضي الله عنه- هذا؛ لِمَا تقدم له من بركة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، إلى مآل حسن، فرأيت في ترجمة جابر -رضي الله عنه- من "تاريخ ابن عساكر"، بسنده إلى أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-، قال: فأقام الجمل عندي زمانَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر، فعجز، فأتيت به عمر -رضي الله عنه-، فعرف قصته، فقال: اجعله في إبل الصدقة، وفي أطيب المراعي، ففعل به ذلك، إلى أن مات. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في بيان اختلاف الروايات في وقوع الاشتراط في قضة بيع جمل جابر -رضي الله عنه- المذكورة:

قال البخاريّ: رحمه الله: الاشتراط أكثر، وأصح عندي: أي أكثر طُرُقًا، وأصح مخرجًا، وأشار بذلك إلى أن الرواة اختلفوا عن جابر، في هذه الواقعة، هل وقع الشرط في العقد عند البيع، أو كان ركوبه للجمل بعد بيعه إباحةً من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد شرائه، على طريق العارية؟ وأصرح ما وقع في ذلك رواية النسائي من طريق ابن عُيينة، عن أيوب، بلفظ: "وقد أعرتك ظهره إلى المدينة"، لكن اختَلَف فيها حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وحماد أعرف بحديث أيوب، من سفيان.

والحاصل أن الذين ذكروه بصيغة الاشتراط أكثر عددًا، من الذين خالفوهم، وهذا وجه من وجوه الترجيح، فيكون أصح، ويترجح أيضًا بأن الذين رووه بصيغة الاشتراط، معهم زيادة، وهم حفاظ، فتكون حجة، وليست رواية من لم يذكر الاشتراط، منافية لرواية من ذكره؛ لأن قوله: "لك ظهره"، و"أفقرناك ظهره"، و"تبلغ عليه"، لا يمنع وقوع الاشتراط قبل ذلك، وقد رواه عن جابر بمعنى الاشتراط أيضًا أبو المتوكل، عند أحمد، ولفظه: "فبعني، ولك ظهره إلى المدينة"، لكن أخرجه البخاريّ في "الجهاد" من طريق أخرى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015