لهما؛ لأن التفرّق الطارئ يقطع الخيار، فالمقارن يمنع ثبوته، ويَحتمل أن يقال: يثبت ما داما في موضعهما، وبهذا قطع المتولّي، ثم إذا فارق أحدهما موضعه بطل خياره، وهل يبطل خيار الآخر، أم يدوم إلى أن يفارق مكانه؟ فيه احتمالان للإمام، قال النوويّ: الأصحّ ثبوت الخيار، وأنه متى فارق أحدهما موضعه، بطل خيار الآخر.
وحكى ابن عبد البرّ عن الأوزاعيّ، قال: حدّ التفرقة أن يتوارى كلّ واحد منهما عن صاحبه، وهو قول أهل الشام، قال: وقال الليث بن سعد: التفرّق أن يقوم أحدهما. انتهى (?).
وقال ابن حزم - رحمه الله - في "المحلّى": فإن تبايعا في بيت، فخرج أحدهما عن البيت، أو دخل حنية في البيت، فقد تفرّقا، وتمّ البيع، أو تبايعا في حنية، فخرج أحدهم إلى البيت، فقد تفرّقا، وتمّ البيع، فلو تبايعا في صحن دار، فدخل أحدهما البيت، فقد تفرّقا، وتمّ البيع، فلو تبايعا في دار، أو خُصّ، فخرج أحدهما إلى الطريق، أو تبايعا في طريق، فدخل أحدهما دارًا، أو خصًّا، فقد تفرّقا، وتمّ البيع، فإن تبايعا في سفينة، فدخل أحدهما البليج، أو الخزانة، أو مضى إلى الفندقوق، أو صعِد الصاري، فقد تفرّقا، وتمَّ البيع، وكذلك لو تبايعا في أحد هذه المواضع، فخرج أحدهما إلى السفينة، فقد تمّ البيع، إذ تفرّقا، فإن تبايعا في دكّان، فزال أحدهما إلى دكان آخر، أو خرج إلى الطريق، فقد تمّ البيع، وتفرّقا، ولو تبايعا في الطريق، فدخل أحدهما الدكان، فقد تمّ البيع، وتفرّقا، فلو تبايعا في سفر، أو في فضاء، فإنهما لا يفترقان إلا بأن يصير بينهما حاجز يسمّى تفريقًا في اللغة، أو بأن يغيب عن بصره في الرفقة، أو خلف ربوة، أو خلف شجرة، أو في حفرة، وإنما يُرعَى ما يُسمّى في اللغة تفريقًا فقط، وبالله تعالى التوفيق. انتهى كلام ابن حزم - رحمه الله - (?)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.