عن إمامه أقلّ مفسدة من الذي سلكه، فإن ذاك تقديم للإجماع في اعتقاده، إن صحّ على خبر الواحد، وأما ما سلكه ففيه ردّ السنن بالرأي، وذلك قبيحٌ بالعلماء. انتهى كلام وليّ الدين - رحمه الله - (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لقد أجاد الحافظ وليّ الدين - رحمه الله - في هذا الردّ على ابن العربيّ، فإن ما ذهب إليه الجمهور هو الحقّ، والانتصار للحقّ هو الواجب على العلماء.

والحاصل أنه قد اتّضح بما سبق من إيراد أدلّة الفريقين أن الحقّ هو ما عليه الجمهور، من إثبات خيار المجلس؛ لوضوح أدلّته، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، ومُتمسّك العنيد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): لم يُذكر في الحديث للتفرق ضابطٌ، فيكون مرجعه إلى العرف، وقد كان ابن عمر، راوي الحديث، إذا اشترى شيئًا يعجبه فارق صاحبه، وفي رواية: إذا ابتاع بيعًا، وهو قاعد، قام ليجب له، وفي رواية: كان إذا بايع رجلًا، فأراد أن لا يقيله قام، فمشى هُنيّة، ثم رجع إليه. قال وليّ الدين: قال أصحابنا - يعني الشافعيّة -: ما عدّه الناس تفرّقًا، لزم به العقد، فلو كانا في دار صغيرة، فالتفرق أن يخرج أحدهما منها، أو يصعد السطح، وكذا لو كانا في مسجد صغير، أو سفينة صغيرة، فالتفرّق أن يخرج أحدهما منها، فإن كانت الدار كبيرة، حصل التفرّق بأن يخرج أحدهما من البيت إلى الصحن، أو من الصحن إلى بيت، أو صفّة، وإن كانا في صحراء، أو سوق، فإذا ولّى أحدهما ظهره، ومشى قليلًا، حصل التفرّق على الصحيح، وقال الإصطخريّ: يشترط أن يبعد عن صاحبه، بحيث لو كلّمه على العادة من غير رفع صوت لم يسمع كلامه، ولا يحصل التفرّق بأن يُرخَى بينهما سترٌ، أو يُشقّ نهرٌ، وهل يحصل ببناء جدار بينهما؟ فيه وجهان، أصحّهما لا، وصحن الدار، والبيت الواحد إذا تفاحش اتساعهما كالصحراء، فلو تناديا متباعدين، وتبايعا، فلا شكّ في صحّة البيع، ثم قال إمام الحرمين: يَحْتَمِل أن لا يقال: لا خيار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015