وعبيد الله بن الحسن العنبريّ، وسوّار القاضي، ومسلم بن خالد الزنجيّ، وابن المبارك، وعليّ بن المدينيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وأبو عبيد، والبخاري، وسائر المحدّثين، وآخرون، وقال به من المالكيّة: عبد الملك بن حبيب.
وذهب مالك، وأبو حنيفة، وأصحابهما إلى إنكار خيار المجلس، وقالوا: إنه يلزم البيع بنفس الإيجاب والقبول، وبه قال إبراهيم النخعيّ، واختُلف في ذلك عن ربيعة، وسفيان الثوريّ، قال ابن حزم: ما نعلم لهم من التابعين سلفًا، إلا إبراهيم وحده، ورواية مكذوبة عن شريح، والصحيح عنه موافقة الحقّ، وكذا قال ابن عبد البرّ: لا أعلم أحدًا ردّه غير هذين الاثنين، إلا ما رُوي عن إبراهيم النخعيّ. انتهى، هكذا ذكره ولي الدين - رحمه الله - (?).
وقال في "الفتح" في شرح هذا الحديث: وفيه دليل على إثبات خيار المجلس، وقد مضى قبلُ بباب أن ابن عمر، حمله على التفرق بالأبدان، وكذلك أبو برزة الأسلميّ، ولا يُعرف لهما مخالف من الصحابة، وخالف في ذلك إبراهيم النخعيّ، فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه: قال: البيع جائز، وإن لم يتفرقا، ورواه سعيد بن منصور عنه، بلفظ: إذا وجبت الصفقة، فلا خيار، وبذلك قال المالكية، إلا ابن حبيب، والحنفية كلهم، قال ابن حزم: لا نعلم لهم سلفًا، إلا إبراهيم وحده.
وقد ذهبوا في الجواب عن هذا الحديث فِرَقًا:
فمنهم من ردّه؛ لكونه معارضًا لما هو أقوى منه.
ورُدّ بأنه لا يوجد ما هو أقوى، بل ولا ما يساويه.
ومنهم من صححه، ولكن أوّله على غير ظاهره، وهؤلاء المأوّلون على أقوال، نلخّصها فيا يلي:
[أحدهما]: قالت طائفة منهم: هو منسوخ، بحديث: "المسلمون على شروطهم"، والخيار بعد لزوم العقد، يفسد الشرط، وبحديث التحالف عند اختلاف المتبايعين؛ لأنه يقتضي الحاجة إلى اليمين، وذلك يستلزم لزوم العقد،