التقسيم، لا على الشك، قاله في "الفتح" (?).

وقال الحافظ وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ -: اختُلف في قوله: "إلا بيع الخيار" على أقوال:

[أحدها]: أنه استثناء من امتداد الخيار إلى التفرّق، والمراد ببيع الخيار أن يتخايرا في المجلس، ويختارا إمضاء البيع، فيلزم بنفس الخيار، ولا يدوم إلى التفرّق، ويدلّ لهذا قوله في رواية أيوب السختيانيّ، وهي في "الصحيح": "ما لم يتفرّقا، أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر"، وربّما قال: "أو يكون بيع الخيار"، فلما وَضَع قوله: "أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر"، موضع "بيع الخيار"، دلّ على أنه بمعناه، ويدلّ لذلك قوله في رواية أخرى: "ما لم يتفرّقا، أو يختارا"، وكذا قوله في رواية أخرى: "ما لم يتفرقا، وكانا جميعًا، أو يخيّر أحدهما الآخر".

وقد رجّح الشافعيّ - رَحِمَهُ اللهُ - هذا المعنى، فقال فيما رواه البيهقيّ في "المعرفة": واحتَمَل قولُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا بيع الخيار" معنيين:

[أظهرهما]: عند أهل العلم باللسان، وأولاهما بمعنى السنّة، والاستدلال بها، والقياس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ جعل الخيار للمتبايعين، والمتبايعان اللذان عقدا البيع، حتى يتفرّقا، إلا بيع الخيار، فإن الخيار إذا كان لا ينقطع بعد عقد البيع في السنّة حتى يتفرّقا، وتفرّقهما هو أن يتفرقا عن مُقامهما الذي تبايعا فيه، كان بالتفرّق، أو بالتخيير، وكان موجودًا في اللسان، والقياس إذا كان البيع يجب بشيء بعد البيع، وهو الفراق أن يجب بالثاني بعد البيع، فيكون إذا خيّر أحدهما صاحبه بعد البيع، كان الاختيار تحديد شيء يوجبه، كما كان التفرّق تحديد شيء يوجبه، ولو لم يكن فيه سنّة تبيّنه بمثل ما ذهبت إليه كان ما وصفنا أولى المعنيين أن يؤخذ به؛ لما وصفت من القياس، مع أن سفيان بن عيينة أخبرنا عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، قال: خيّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا بعد البيع، فقال الرجل: عمَّرك الله، ممن أنت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "امرؤ من قريش"، قال: فكان أبي يحلف ما كان الخيار إلا بعد البيع، قال الشافعيّ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015