لأن من خالف آخر في عقيدته كان مستدعيًا لمفارقته إياه ببدنه، ولا يخفى ضعف هذا الجواب، والحقّ حمل كلام المفضل على الاستعمال بالحقيقة، وإنما استُعْمِل أحدهما في موضع الآخر اتساعًا. انتهى (?).
(إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ) أي: فلا يحتاج إلى التفرّق، وفي رواية: "إلا أن يكون البيع كان عن خيار، فإن كان البيع عن خيار، فقد وجب البيع"، وفي رواية: "أو يقول أحدهما للآخر: اختر".
وقد اختلف العلماء في المراد بقوله: "إلا بيع الخيار"، فقال الجمهور، وبه جزم الشافعيّ: هو استثناء من امتداد الخيار إلى التفرق، والمراد أنهما إن اختارا إمضاء البيع قبل التفرق، لزم البيع حينئذ، وبطل اعتبار التفرق، فالتقدير: إلا البيع الذي جرى فيه التخاير.
قال النووي: اتفق أصحابنا على ترجيح هذا التأويل، وأبطل كثير منهم ما سواه، وغَلَّطُوا قائله. انتهى.
ورواية الليث الآتية بعد حديث ظاهرة جدًّا في ترجيحه.
وقيل: هو استثناء من انقطاع الخيار بالتفرق، وقيل: المراد بقوله: "أو يُخيّر أحدهما الآخر"؛ أي: فيشترط الخيار مدة معينة، فلا ينقضي الخيار بالتفرق، بل يبقى حتى تمضي المدة، حكاه ابن عبد البر، عن أبي ثور، ورجح الأول، بأنه أقل في الإضمار، وتُعَمنه رواية النسائيّ، من طريق إسماعيل، قيل: هو ابن أمية، وقيل: غيره، عن نافع، بلفظ: "إلا أن يكون البيع، كان عن خيار، فإن كان البيع عن خيار، وجب البيع".
وقيل: هو استثناء من إثبات خيار المجلس، والمعنى: أو يخيّر أحدهما الآخر، فيختار في خيار المجلس، فينتفي الخيار، وهذا أضعف الاحتمالات.
وقيل: قوله: "إلا أن يكون بيع خيار"؛ أي: هما بالخيار، ما لم يتفرقا، إلا أن يتخايرا، ولو قبل التفرق، وإلا أن يكون البيع بشرط الخيار، ولو بعد التفرق، وهو قول يجمع التأويلين الأولين، ويؤيده رواية عبد الرزاق، عن سفيان، بلفظ: "إلا بيع الخيار، أو يقول لصاحبه: اختر"، إن حملنا "أو" على