وفي ذلك دلالة على اشتراط القبض في المكيل بالكيل، وفي الموزون بالوزن، فمن اشترى شيئًا مكايلة، أو موازنة، فقبَضه جزافًا فقبْضه فاسد، وكذا لو اشترى مكايلةً، فقبَضه موازنةً، وبالعكس.
ومن اشترى مكايلةً، وقبَضه، ثم باعه لغيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول، حتى يكيله على من اشتراه ثانيًا، وبذلك كلّه قال الجمهور.
وقال عطاء: يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقًا، وقيل: إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول، وإن باعه بنسيئة لم يجز بالأول، والأحاديث المذكورة تردّ عليه.
وفي الحديث مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة، وإقامة الإمام على الناس من يراعي أحوالهم في ذلك. انتهى ما في "الفتح" (?)، وهو بحث مفيدُ.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:
[3838] (1526) - (حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَيَقْبِضَهُ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى) التُّجيبيّ، أبو حفص المصريّ، صاحب الشافعيّ، صدوقٌ [11] (ت 3 أو 244) (م س ق) تقدم في "المقدمة" 3/ 14.
2 - (عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبِ) بن مسلم القرشيّ مولاهم، أبو محمد المصريّ الفقيه، ثقة حافظٌ عابدٌ [9] (ت 197) (ع) تقدم في "المقدمة" 3/ 10.
3 - (عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ) بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب المدنيّ، نزيل عَسْقَلان، ثقةٌ [6] مات قبل (150) (خ م دس) تقدم في "الإيمان" 31/ 233.
والباقيان ذُكرا قبله.
وقوله: (وَيَقْبِضَهُ) عطف تفسير لـ "يستوفيه"، فقد بيّن أن معنى استيفاء المبيع قبضه.