القياس، وهو فارسيّ تعريب "كُزاف"، ومن ثمّ قيل: أصل الكلمة دَخِيلٌ في العربيّة، قال ابن القطّاع: جَزَف في الكيل جَزْفًا: أكثر منه، ومنه الجِزاف، والمجازفة في البيع، وهو المساهلة، والكلمة دَخِيلة في العربيّة، ويؤيّده قول ابن فارس: الْجَزْفُ: الأخذُ بكثرة، كلمة فارسيّة، ويقال لمن يُرسل كلامه إرسالًا من غير قانون: جازف في كلامه، فاقيم نَهْجُ الصواب مُقام الكيل، والوزن. انتهى (?).

وقد ترجم الإمام البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه" بقوله: "باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك".

قال في "الفتح": أي تعزير من يبيعه قبل أن يؤويه إلى رحله، ذَكَر فيه حديث ابن عمر في ذلك - يعني المذكور في الباب - وهو ظاهر فيما ترجم له، وبه قال الجمهور، لكنهم لم يخصوه بالجزاف، ولا قيدوه بالإيواء إلى الرحال، أما الأول، فلما ثبت من النهي عن بيع الطعام قبل قبضه، فدخل فيه المكيل، وورد التنصيص على المكيل من وجه آخر عن ابن عمر، مرفوعًا، أخرجه أبو داود، وأما الثاني؛ فلأن الأيواء إلى الرحال، خرج مخرج الغالب، وفي بعض طرق حديث ابن عمر عند مسلم، والنسائيّ: "كنا نبتاع الطعام، فيَبعَث إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَن يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه، إلى مكان سواه، قبل أن نبيعه".

وفرّق مالك في المشهور عنه، بين الجزاف والمكيل، فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه، وبه قال الأوزاعيّ، وإسحاق، واحتُجّ لهم بأن الْجِزَاف مَرْئيّ، فتكفي فيه التخلية، والاستيفاء إنما يكون في مكيل أو موزون.

وقد رَوَى أحمد من حديث ابن عمر مرفوعًا: "من اشترى طعامًا بكيل، أو وزن فلا يَبِعْه حتى يقبضه"، ورواه أبو داود، والنسائيّ، بلفظ: "نُهِيَ أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه"، والدارقطنيّ من حديث جابر: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يَجرِي فيه الصاعان: صاع البائع، والمشتري"، ونحوه للبزار من حديث أبي هريرة بإسناد حسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015