شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما -؛ أنه (قَالَ: "كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، نَبْتَاعُ

الطَّعَامَ) أي: جزافًا، بدليل الروايات الآتية.

قال ابن حزم: جمهور الرواة عن مالك لهذا الحديث في "الموطّإ" وغيره ذكروا فيه عنه الجزاف، كما ذكره عبيد الله، عن نافع، والزهريّ عن سالم، وإنما أسقط ذكره القعنبيّ، ويحيى فقط، توهّمًا فيه؛ لأنه خبر واحد. انتهى.

وتعقّبه وليّ الدين، فقال: وفيه نظر، فقد قال ابن عبد البرّ: لم يُختَلف على مالك فيه، ولم يقل: جزافًا. انتهى (?).

والحاصل أن ذكر الجزاف ثابت في غير رواية مالك، فسيأتي من رواية عبيد الله، عن نافع، والزهريّ، عن سالم، والله تعالى أعلم.

(فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا) بالبناء للفاعل، والفاعل ضمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويَحْتَمِل أن يكون مبنيًّا للمفعول، والنائب عن الفاعل قوله: (مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ) هكذا رواية المصنّف وكذا هو عند النسائيّ، وهو مشكلٌ؛ لأن "انتقل" لازم، وإنما المتعدّي نَقَلَ الثلاثيّ، قال في "المصباح": نَقَلتُهُ نقلًا، من باب قتل: حوّلته من موضع إلى موضع، وانتقل: تحوّل، والاسم النُّقلة، ونقّلته بالتشديد مبالغةٌ وتكثيرٌ. انتهى.

وقال في "القاموس": نَقَله: حوّله، فانتقل، والنُّقْلةُ بالضمّ: الانتقال. انتهى، ولعلّه أطلق الانتقال على النقل مجازًا، من إطلاق المسبَّب على السبب، والله تعالى أعلم.

(مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَا فِيهِ)؛ أي: اشتريناه (إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ)؛ أي: غير مكان الشراء (قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ)؛ أي: ليتمّ القبض على آكد الوجوه.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه في الحديث الماضي، ونتكلّم الآن على ما بقي من المسائل مما يتعلّق به.

(المسألة الأولى): في فوائده:

1 - (منها): بيان حُكْم ما يُشتَرَى من الطعام جِزافًا قبل نقله من مكانه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015