فباعه، قبل أن ينتقل من ضمان البائع، وهو يعمّ كل شيء، الطعام، وسائر المنقولات، وغيرها.

(ومنها): حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - الذي أخرجه أحمد في "مسنده" بلفظ: "إذا اشتريت بيعًا، فلا تبعه حتى تقبضه"، فهو وإن كان في سنده راو مبهم، إلا أنه يشهد له حديث ابن عمرو المذكور.

(ومنها): ما أخرجه أبو داود، والحاكم، وابن حبّان، وصحّحاه، من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - بلفظ: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السِّلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجّار إلى رحالهم"، فهو وإن كان فيه محمد بن إسحاق، وقد عنعنه، لكنه يشهد له ما تقدّم، فهذه الأحاديث كما رأيت صالحة للحجيّة، ولا سيّما حديث عبد الله بن عَمْرو - رضي الله عنهما -، فإنه بمفرده كاف للحجيّة، وأيضًا قول ابن عبّاس - رضي الله عنهما - فيما يأتي: "وأً حسب أن كل شيء بمنزلة الطعام"، وفي رواية البخاريّ: "ولا أحسب كل شيء إلا مثله".

والحاصل أن أرجح الأقوال هو القول الخامس، وهو مذهب الشافعيّ - رَحِمَهُ اللهُ - وجماعة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في التصرّف في المبيع قبل القبض بغير البيع:

اختلفوا في ذلك على أربعة أقوال:

(القول الأول): قصر المنع على البيع، وتجويز غيره من التصرّفات قبل القبض، قاله ابن حزم، قال: والشركة، والتولية، والإقالة كلّها بيوعٌ مبتدأة لا يجوز في شيء منها إلا ما يجوز في سائر البيوع.

(القول الثاني): أن سائر التصرّفات في المنع قبل القبض كالبيع، قال وليّ الدين: وهذا هو الذي فهمته من مذهب الحنابلة؛ لإطلاق ابن تيميّة في "المحرّر" التصرّف من غير استثناء شيء منه.

(القول الثالث): طرد المنع في كلّ معاوضة فيها حقّ توفية، من كيل، أو شبهه بخلاف القرض، والهبة، والصدقة، وهذا مذهب مالك، وأرخص في الإقالة، والتولية، والشركة مع كونها معاوضات فيها حق توفية، قال ابن حزم: واحتجّوا بما رويناه من طريق عبد الرزّاق، قال ابن جريج: أخبرني ربيعة بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015