الغزاليّ، وتبعه عبد الغفّار القزوينيّ في "الحاوي الصغير"، وحَكَى البغويّ فيها وجهين، وصحح ثبوت الخيار لحصول الضرر للمشتري، وإن لَمْ يقصد البائع التدليس، قاله في "الطرح".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما صححه البغويّ أرجح؛ نظرًا لتضرّر المشتري، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية عشرة): ظاهر الحديث أنه إذا تبيّن للمشتري التصرية، لكن درّ اللبن علي الحدّ الذي أشعرت به التصرية، واستمرّ كذلك، ثبتٌ له الخيار؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أطلق ثبوت الخيار، ولم يفصّل، لكن تغيّر الحال عما كان عليه، وصيرورتها ذات لبن غزير بعد أن لَمْ تكن كذلك قبل التصرية سورة نادرة، فيظهر أنَّها مرادة من العموم، فلا. خيار فيها، وفي المسألة وجهان للشافعيّة، قال وليّ الدين: وينبغي بناؤهما على أنَّ الفرع النادر هل يدخل في العموم، أم لا؟ والصحيح في الأصول دخوله، لكن شبّه أصحابنا الوجهين بالوجهين فيما إذا لَمْ يعرف العيب القديم إلَّا بعد زواله، وبالقولين فيما لو عتقت الأمة تحت عبد، ولم تعلم عتقها حتى عتق العبد، ومقتضى التشبيه تصحيح أنه لا خيار له، كما هو الصحيح في تينك الصورتين. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عدم ثبوت الخيار هو الذي يظهر لي؛ لأنه إنما شُرع دفعًا للضرر، وقد زال، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة عشرة): قال وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ -: أخذ أصحابنا من ثبوت الخيار في المصرّاة ثبوت الخيار في كلّ موضع حصل فيه تدليسٌ، وتغرير من البائع، كما لو حبس ماء القناة، أو الرحى، ثم أرسله عند البيع، أو الإجارة، فظنّ المشتري كثرته، ثم تبيّن له الحال، أو حمّر وجه الجارية، أو سوّد شعرها، أو جعّده، أو أرسل الزنبور على وجهها، فظنها المشتري سمينة، ثم بان خلافه، فله الخيار في هذه الصور كلّها.
وحكى أصحابنا خلافًا فيما لو لطّخ ثوب العبد بمداد، أو ألبسه ثوب الكتّاب، أو الخبّازين، وخيّل كونه كاتبًا، أو خبّازًا، فبان خلافه، أو أكثر علف البهيمة، حتى انتفخ بطنها، فظنها المشتري حاملًا، أو أرسل الزنبور على