قال بعض الأصحاب: فإذا حكم الحاكم بذلك وجب التنفيذ، وارتفع الخلاف.
وهذا ليس بشيء؛ لأنه يلزم منه إيقاف مقتضيات الأدلة على نظر الحكَّام وحكمهم، وهذا باطل بالإجماع، ولأنه ترك للدليل لما ليس بدليل، فإن حكم الحاكم ليس بدليل، بل الذي يستند إليه حكمه هو الدليل، فإن اقتضى دليله وجوب العتق بنفس الملك؛ فقد حصل المطلوب، وإن اقتضى دليله إيقاف العتق على الحكم؛ فإما إلى حكمه، وهو دَوْرٌ، وإمَّا إلى حكم غيره ويتسلسل. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن الأرجح هو ما ذهب إليه القائلون بوقوع العتق بنفس الملك، ولا يحتاج إلى أن يُعتق باللفظ؛ لصحّة حديث: "من ملك ذا رحم محرم فهو حرّ"، وفي لفظ: "فقد عتق"، رواه أحمد، وأصحاب السنن، وهو حديث صحيح.
والحاصل أن الحقّ أن من ملك والديه، أو ذوي أرحامه المحرّمة يَعتقون عليه بنفس ملكه، ولا يحتاج إلى إنشاء العتق باللفظ؛ لما ذُكر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[3795] ( ... ) - (وَحَدثنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثنَا وَكِيعٌ (ح) وَحَدَّثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي (ح) وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالُوا: "وَلَدُ وَالِدَهُ").
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (أبُو أَحْمَدَ الزبَيْرِيُّ) محمد بن عبد الله بن الزبير الكوفيّ، ثقةٌ ثبتٌ [9] (ت 203) (ع) تقدم في "الإيمان" 50/ 314.
والباقون تقدّموا قريبًا، و"سفيان" هو: الثوريّ.