[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من رباعيّات المصنّف رحمه الله، وهو (239) من رباعيّات الكتاب.
وقوله: (أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلخ) وفي رواية البخاريّ: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين رجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرّق بينهما، وألحق الولد بالمرأة".
وقوله: "فانتفى إلخ" قال الطيبيّ: الفاء سببيّة؛ أي: الملاعنة سبب الانتفاء، قال الحافظ: فإن أراد أن الملاعنة سبب ثبوت الانتفاء، فجيّد، وإن أراد أن الملاعنة سبب وجود الانتفاء، فليس كذلك، فإنه إن لم يتعرّض لنفي الولد في الملاعنة لم ينتف، والحديث في "الموطّإ" بلفظ: "وانتفى" بالواو، لا بالفاء، وذكر ابن عبد البرّ أن بعض الرواة عن مالك ذكره بلفظ: "وانتقل" يعني بقاف بدل الفاء، ولام آخره، وكأنه تصحيف، وإن كان محفوظًا، فمعناه قريبٌ من الأوّل، وعند البخاري في "التفسير" من وجه آخر عن نافع بلفظ: "أن رجلًا رمى امرأته، وانتفى من ولدها، فأمرهما النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتلاعنا"، فوضح أن الانتفاء سبب الملاعنة، لا العكس.
واستُدِلَّ بهذا الحديث على مشروعيّة اللعان لنفي الولد، وعن أحمد ينتفي الولد بمجرّد اللعان، ولو لم يتعرّض الرجل لذكره في اللعان، وفيه نظر؛ لأنه لو استلحقه لحقه، وإنما يؤثر لعان الرجل دفع حدّ القذف عنه، وثبوت زنا المرأة، ثم يرتفع عنها الحدّ بالتعانها. وقال الشافعيّ: إن نفى الولد في الملاعنة انتفى، وإن لم يتعرّض له، فله أن يعيد اللعان لانتفائه، ولا إعادة على المرأة، وإن أمكنه الرفع إلى الحاكم، فأخّر بغير عذر حتى ولدت، لم يكن له أن ينفيه كما في الشفعة.
واستدلّ به على أنه لا يُشترط في نفي الحمل تصريحُ الرجل بأنها ولدت من زنا، ولا أنه استبرأها بحيضة، وعن المالكيّة يُشترط ذلك، واحتجّ بعض من خالفهم بأنه نفى الحمل عنه من غير أن يتعرّض لذلك، بخلاف اللعان الناشئ عن قذفها.
واحتجّ الشافعيّ بأن الحامل قد تحيض، فلا معنى لاشتراط الاستبراء، قال ابن العربيّ: ليس عن هذا جواب مقنع.