ويُستفاد منه أن الملاعِنة لو أكذبت نفسها بعد اللعان، وأقرّت بالزنا وجب عليها الحدّ، لكن لا يسقط مهرها، كذا في "الفتح".
ثم إن الإجماع قد انعقد بحكم حديث الباب على أن الملاعنة المدخول بها تستحقّ جميع الصداق، والخلاف في غير المدخول بها، فالجمهور على أن لها النصف كغيرها من المطلّقات قبل الدخول، وقال أبو الزناد، والْحَكَم، وحماد: بل جميعه، وقال الزهريّ: لا شيء لها أصلًا، ورُوي عن مالك نحوه، كذا في "عمدة القاري" (?).
وقوله: (قَالَ زُهَيْرٌ) هو ابن حرب، شيخه الثالث (فِي رِوَايَتِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو) هو ابن دينار (سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) غرض المصنّف بهذا بيان الاختلاف بين شيوخه في صيغ الأداء، فقد صرّح زهير بسماع عمرو من سعيد، وسعيد من ابن عمر - رضي الله عنهما -.
والحديث متّفق عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفًى فيما قبله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أولَ الكتاب قال:
[3744] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثنا حَمَّاد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرَّقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَان، وَقَالَ: "اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
وكلهم ذُكروا في السند الماضي، والباب الماضي.
وقوله: (فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ) يعني فهل للكاذب منكما أن يتوب إلى الله تعالى؟ وفيه استحباب عرض التوبة على المذنب، وفي "صحيح البخاريّ" أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك ثلاث مرّات.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى الكلام عليه فيما قبله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.